اقتحام الكونغرس: أنصار جمهوريون للرئيس دونالد ترامب ينقلبون عليه في إجراءات العزل
يكتسب مسعى الديمقراطيين في الولايات المتحدة لعزل الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب زخماً مع بدء بعض زملائه الجمهوريين في الانقلاب عليه.
وقالت ليز تشيني، ثالث أكبر عضو جمهوري في مجلس النواب، إنها ستصوت لصالح عزل ترامب بعد أعمال الشغب في مقر البرلمان الأمريكي (الكونغرس) الأسبوع الماضي.
وفي وقت سابق الثلاثاء، امتنع ترامب عن تحمل مسؤولية اقتحام أنصاره مقر الكونغرس.
ومن المقرر أن يخلفه في المنصب الديمقراطي جو بايدن في 20 يناير/ كانون الثاني.
ويعتزم مجلس النواب التصويت الأربعاء على اتهام ترامب بالتحريض على التمرد.
ماذا قال الجمهوريون؟
تعهدت تشيني، ابنة نائب الرئيس السابق ديك تشيني، بدعم إجراءات العزل، وهي المرة الأولى التي يقوم فيها زعيم من حزب الرئيس بفعل ذلك منذ تولي ريتشارد نيكسون منصبه. وقالت في بيان: “لم تكن هناك خيانة أكبر من قبل رئيس للولايات المتحدة لمنصبه وأدائه لليمين الدستورية”.
وأضافت ممثلة ولاية وايومنغ أنّ ترامب “جمع هذا الحشد، وأوقد لهب هذا الهجوم”.
وقال عضوان جمهوريان آخران في مجلس النواب، هما جون كاتكو وآدم كينزينجر، إنهما سيصوتان أيضاً لصالح العزل.
وبحسب تقارير، قرر الزعيم الجمهوري في مجلس النواب كيفين مكارثي، حليف ترامب الذي قال إنه يعارض العزل، بعدم مطالبة أعضاء الحزب العاديين بالتصويت ضد الإجراء.
ووفقاً لصحيفة نيويورك تايمز، أخبر زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل المقربين منه أنه سعيد بأن الديمقراطيين يريدون عزل الرئيس، لأنه يعتقد أن ذلك سيساعد في تخليص الحزب الجمهوري من ترامب.
كما أخبر ماكونيل مساعديه أنه يعتقد أن الرئيس ارتكب جرائم تستوجب عزله، بحسب صحيفة واشنطن بوست.
وقدم الجمهوري بريان فيتزباتريك، من ولاية بنسلفانيا، في مجلس النواب مساء الثلاثاء قراراً لفرض الرقابة على ترامب، وهو إجراء توبيخي من الكونغرس أقل شدة من المساءلة.
ويتهم الإجراء ترامب بـ”محاولة نقض” نتائج الانتخابات الرئاسية، التي جرت في نوفمبر/تشرين الثاني، بشكل غير قانوني و”تهديد فرع من أفرع الحكومة”.
ماذا يحدث في الكونغرس؟
رفض نائب الرئيس، مايك بنس، يوم الثلاثاء قراراً مرره مجلس النواب يطالبه بالمساعدة في عزل ترامب بموجب بند دستوري.
ويضغط الديمقراطيون على بنس لتفعيل القسم 4 من التعديل الخامس والعشرين من الدستور، الذي من شأنه أن يسمح لأغلبية أعضاء مجلس الوزراء بتجريد الرئيس من السلطة إذا اعتبر غير قادر على أداء مهامه.
لكن بنس قال في رسالة إلى رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي: “بموجب دستورنا، لا يعتبر التعديل الخامس والعشرون وسيلة للعقاب أو انتزاع السلطة”.
وأضاف: “تفعيل التعديل الخامس والعشرين بهذه الطريقة سيشكل سابقة مروعة”.
ويعني رفض بنس المضي قدماً بهذا الاقتراح أن الديمقراطيين سيشرعون في التصويت على عزل ترامب في وقت مبكر من يوم الأربعاء.
ويمكنهم أيضاً استخدام إجراءات العزل للتصويت على منع ترامب من الترشح للمنصب مرة أخرى. وكان الرئيس أشار إلى أنه يخطط للترشح في عام 2024.
إذا عُزل ترامب من قبل مجلس النواب، فسيتم تقديمه لمحاكمة في مجلس الشيوخ لتحديد ما إذا كان مذنبا.
كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز يوم الثلاثاء أن ما يصل إلى 20 من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين منفتحين على إدانة الرئيس.
وستكون هناك حاجة إلى أغلبية ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ لإدانة ترامب، وهو ما يعني ضرورة تصويت 17 جمهورياً على الأقل لصالح الإدانة.
ماذا قال ترامب؟
في أول ظهور علني له منذ أحداث الشغب يوم الأربعاء الماضي، لم يبد ترامب أي ندم على التصريحات التي أدلى بها لأنصاره في تجمع حاشد قبل اقتحام قاعات الكونغرس.
وقال ترامب قبل رحلة إلى الجدار الحدودي بين الولايات المتحدة والمكسيك في تكساس: “ما قلته كان مناسباً تماماً”. وأضاف: “لا أريد عنفا”.
كما قال للصحفيين: “هذا العزل يسبب غضباً هائلاً، وأنتم تقومون به، وهو فعلاً شيء فظيع أن يفعلوه”.
وقال ترامب إن “المشكلة الحقيقية” كانت الخطاب الذي استخدمه الديمقراطيون خلال احتجاجات حملة “حياة السود مهمة” والعنف الذي رافقها العام الماضي.
وتركز قضية المحاسبة على تصريحات ترامب في تجمع حاشد خارج البيت الأبيض قبل وقت قصير من محاولة الحشد اقتحام مجلس النواب.
وكرر ترامب مزاعم لا أساس لها عن حصول تزوير خلال الانتخابات، وحث الحشد على مسيرة إلى الكونغرس الذي كان يعقد جلسة المصادقة على فوز بايدن في الانتخابات.
ودعاهم إلى “إسماع أصواتكم سلمياً ووطنياً”، ولكنه طلب منهم أيضاً “القتال بقوة”.
قبضة ترامب الحديدية تتراجع
تحليل أنتوني زوركر
مراسل أمريكا الشمالية
في الوقت الذي كانت طائرة الرئاسة تعيد دونالد ترامب من حدود تكساس يوم الثلاثاء، انهارت الأرضية السياسية تحت قدميه.
ويشير قول زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل إنه “مسرور” بجهود الديمقراطيين إلى أن الحسابات السياسية للزعماء الجمهوريين في الكونغرس تتغير.
ويعتقد عدد متزايد منهم أنّ تصرفات الرئيس غير النادم الأسبوع الماضي لم تهدد الديمقراطية الأمريكية فحسب، بل هددت سلامتهم الشخصية أيضاً.
وحتى قبل أعمال الشغب في مبنى الكابيتول الأمريكي، كان يُنظر إلى ترامب بشكل متزايد على أنه موضع ضعف سياسي وضئيل السلطة. وربما كلف تحدي ترامب لنتائج الانتخابات الجمهوريين مقعدين في مجلس الشيوخ في جورجيا. ولم يكن هناك دليل يذكر على أن ترامب يعزز فرص الحزب الانتخابية عندما يكون اسمه مدرجاً في قوائم الاقتراع.
ربما يفكر ماكونيل، من بين آخرين، في ما إذا كان الانفصال النظيف عن ترامب أفضل لمستقبلهم السياسي، حتى لو كان ذلك يعني العمل مع الديمقراطيين للقيام بهذه المهمة.
ماذا عن أحدث تطورات التحقيق في أعمال الشغب؟
كشف مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي اي) يوم الثلاثاء أنه تم حتى الآن التعرف على 170 شخصاً متورطين في الهجوم الدامي، وأنه تمّ توجيه اتهامات إلى 70 شخصاً.
وقال المكتب إن من المتوقع توجيه اتهامات لمئات آخرين، وأن من تثبت إدانتهم بالتحريض على الفتنة والتآمر قد يواجهون عقوبة بالسجن تصل إلى 20 عاماً.
وتحث السلطات المتورطين على تسليم أنفسهم إلى الشرطة. ويواصل أفراد الجمهور حملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتحديد مثيري الشغب من الصور التي التقطت الأسبوع الماضي.
كما قال الاف بي اي إنّ التحقيقات خلصت إلى أنّ القنبلتين الأنبوبيتين اللتين عُثر عليهما بالقرب من مكاتب الأحزاب السياسية في العاصمة، كان بهما أجهزة تفجير وتوقيت.
في غضون ذلك، أفادت تقارير بأنه في اليوم السابق لأعمال الشغب، أصدر مكتب التحقيقات الفيدرالي تقريراً داخلياً يحذر من أنّ متطرفين يخططون للسفر إلى واشنطن العاصمة لارتكاب أعمال عنف.
وأظهرت وثيقة، من مكتب التحقيقات الفيدرالي في فرجينيا، أنّ المتآمرين كانوا يشاركون خرائط الأنفاق تحت مجمع الكابيتول، وفقاً لوسائل إعلام أمريكية.