أعمال

التاريخ المسروق.. بريطانيا تعتزم إعادة 39 قطعة أثرية بعد 125 عاما من نهبها

أعلنت مؤسسة سميثسونيان (Smithsonian) الأميركية أن بعض كنوز مملكة بنين التي نهبها البريطانيون منذ أكثر من قرن ستعاد أخيرا إلى نيجيريا.

وفي تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست” (The Washington Post) الأميركية قالت الكاتبة كارين عطية إن المؤسسة ستعيد 39 قطعة أثرية إلى مملكة بنين بمجرد التوصل إلى اتفاق مع اللجنة الوطنية للمتاحف والآثار في نيجيريا.

ويصادف هذا العام مرور 125 عاما على إرسال البريطانيين أكثر من ألف جندي لذبح سكان مدينة بنين.

وكانت غارة عام 1897 -التي تعرف باسم “الحملة العقابية” ردا على كمين لبعثة بريطانية سابقة في بنين- أسفرت عن سقوط عدد كبير من الضحايا (يُقدّر بالآلاف حسب بعض المؤرخين)، لكن أعمال القتل والتدمير لم تكن نهاية الجريمة التي نفذت في بنين.

وحسب ما أشار إليه ضابط مخابرات شارك في البعثة ويدعى ريغينالد بيكون، فإن البريطانيين وجدوا عند اقتحام قصر ملك بنين المئات من اللوحات البرونزية الفريدة المستوحاة من التصميم المصري فقاموا بسرقتها، إلى جانب أعمال فنية أخرى مع آلاف القطع من العاج والنحاس والمجوهرات والملابس.

وأوضح الصحفي الأسترالي مارك فينيل أن البريطانيين “لم ينهبوا تراث بنين فحسب، بل أسسوا أيضا فنا دمويا”، وقد كان الهدف من ذلك بيع هذه الأعمال الفنية لتعويض تكلفة الحرب.

أما بالنسبة لأفراد مملكة بنين فكانت هذه التحف الأثرية جزءا من روحانياتهم وثقافتهم، لكن البريطانيين رأوا فيها مصدرا لتمويل مساعيهم الإمبراطورية.

الفن الدموي

نشأ مصطلح “الفن الدموي” في تسعينيات القرن الماضي جراء الصراعات العنيفة في أفريقيا، وعادة ما يشار إلى الألماس المستخرج من قبل الجماعات المتمردة الأفريقية باعتباره أداة لتمويل التمرد ضد الحكومات الشرعية.

وفي أوائل العقد الأول من القرن الـ21 التقى ممثلو الدول المنتجة للألماس وأطلقوا عملية كيمبرلي، لمحاولة كبح تجارة الألماس الممولة للصراع.

وقد ساهم فيلم “الألماس الدموي” (Blood Diamond) -الذي صدر عام 2006- في زيادة الوعي العالمي بتجارة الألماس غير المشروعة التي تؤجج الحروب في أفريقيا.

وأشارت الكاتبة إلى أن إعادة الأعمال الفنية المعروضة في كبرى مؤسسات الغرب ستكون على حساب التعريف بها والحفاظ عليها والانبهار بها في جميع أنحاء العالم، لكن جهود التوعية الحقيقية بتاريخ هذه الأعمال المنهوبة تم تقليصها، ونادرا ما تُظهر بطاقات المعلومات الصغيرة الموجودة أسفل هذه القطع الأثرية أنها ساعدت في تمويل العنف الاستعماري.

وقالت ألمانيا العام الماضي إنها ستعيد إلى نيجيريا مجموعة من قطع “بنين برونز”، فيما أعاد متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك اثنتين من قطع “بنين برونز” من أصل مجموعة مكونة من 160 قطعة.

وفي عام 2012 تلقى متحف بوسطن للفنون الجميلة وعدا بالحصول على 32 قطعة من “بنين برونز” من المجموعة الخاصة بروبرت أوين ليمان، وعرض المتحف جميع القطع واستحوذ على 5 منها على الرغم من مطالبة نيجيريا بإعادتها.

وفي عام 2020 سلطت الاحتجاجات العالمية لحركة “حياة السود مهمة” الضوء على المتاحف الغربية ومطالب الحكومات الأفريقية بإعادة تراثها المنهوب.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2021 أفاد مالكولم جاي في صحيفة “بوسطن غلوب” (The Boston Globe) بأن المتحف سيوقف نقل ملكية الـ27 قطعة المتبقية مؤقتا، لكن مدير المتحف ماثيو تيتلبوم قال إنه لا داعي لإعادة القطع إلى الجهات المتبرعة.

ويواصل المتحف البريطاني الاحتفاظ بمجموعة الفن الدموي التي تضم أكثر من 900 قطعة من “بنين برونز”، مع تقديم قروض مؤقتة لنيجيريا (المالكة الأصلية لها)، الأمر الذي يكشف مدى بشاعة الحقبة الاستعمارية.

مقالات ذات علاقة

زر الذهاب إلى الأعلى