بقلم: يورونيوز مع أ ف ب
شجرة عسل مانوكا
–
حقوق النشر
أ ف ب
هل يمكن لعسل مانوكا ذي التسمية بلغة ماوري أن يأتي من بلد غير نيوزيلندا؟ الجواب هو كلا لجزء من مربي النحل في النيوزلنديين، أكبر المنتجين في العالم لهذا المنتج المرغوب بشدة… غير أن منافسيهم الأستراليين لهم كلام آخر.
اشترت أنا مارتن مع سفين ستيفان العام الماضي أرضا في سومرسبي على بعد حوالى مئة كيلومتر شمال سيدني لإقامة حوالى خمسين قفير نحل في المكان المزروع بأشجار من نوع يُعرف باسم “ليبتوسبيرنوم سكوباريوم” تجذب أزهاره النحل الذي يعطي عسل مانوكا الشهير هذا.
وتوضح أنا مارتن لوكالة فرانس برس “تربية النحل عمل يتطلب تفرغا كاملا طوال أيام الأسبوع، فيما الأرباح محدودة جدا. مع عسل مانوكا في المقابل، الأرباح تكون أكبر بكثير”.
ويدير مربيا النحل الزوجان حوالى ثلاثمئة قفير نحل موزعة على أربعمئة كيلومتر على طول سواحل ولاية نيو ساوث ويلز، وهما يبيعان العسل مباشرة في الأسواق، وبصورة متزايدة عبر الإنترنت.
وإثر هذا الموسم الأول في سومرسبي، جمع الزوجان 2,5 طن من عسل مانوكا، وفق أنا مارتن. وأشاد مشاهير كثر من أمثال الممثلة غوينيث بالترو ولاعب كرة المضرب نوفاك ديوكوفيتش، بمزايا هذا العسل ذي اللون الداكن في مكافحة الالتهابات والجراثيم. ويباع الكيلوغرام الواحد من هذا المنتج بمئات الدولارات.
إنتاج متجذر
أدت جائحة كوفيد-19 إلى ارتفاع كبير في الطلب ورفعت الصادرات النيوزيلندية من العسل إلى مستوى قياسي، خصوصا بفضل عسل مانوكا الذي استحوذ على 76 % من هذه الصادرات.
وقد صبّت هذه الطفرة في مصلحة مربي النحل الأستراليين الذين ينتجون هذا العسل أيضا بكميات متواضعة أكثر.
وتُعتبر شجرة “ليبتوسبيرموم سكوباريوم” الموجودة في نيوزيلندا، من الأنواع المتأصلة أيضا في أستراليا. غير أن نمو هذا العسل في أستراليا قد يتوقف كليا، إذ أطلقت مجموعة من مربي النحل النيوزيلنديين التماسات عدة، خصوصا في الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، للحصول على حق حصري في استخدام مصطلح “مانوكا”.
ويوضح الناطق باسم جمعية “يونيك مانوكا فاكتور أسوسييشن” جون روكليف أن “مانوكا كلمة بلغة الماوري. في ذهن المستهلكين، هي شهادة منشأ نيوزيلندية”.
ويضيف “إلى ذلك، يطلق مربو النحل الأستراليون اسم مانوكا على كل أنواع ليبتوسبيرموم سكوباريوم (أكثر من 80). هذا مضلل ولا يتناسب مع المنتج المباع. الأمر أشبه بإطلاق تسمية ليمون على كل أنواع الحمضيات لبيعها بسعر أعلى”.
غير أن رئيس اتحاد عسل مانوكا الأسترالي بول كالاندر ينفي هذه الادعاءات قائلا “التركيبة الكيميائية لعسلنا هي نفسها كتلك العائدة للعسل النيوزيلندي”.
إلى ذلك، ثبت أن “أستراليا تنتج عسل مانوكا منذ أربعينات القرن التاسع عشر”، وفق كالاندر. من هنا، يُطلق على الشجرة التي يصنع النحل العسل من أزهارها اسم مانوكا أيضا في تاسمانيا وولاية فيكتوريا جنوب شرق أستراليا.
كميات مقلّدة “هائلة”
ومن الأسباب الأخرى التي تبعث على القلق لدى الجانب الأسترالي، دعم الحكومة النيوزيلندية ماليا للمسارات القانونية التي يعتمدها مربو النحل في هذا البلد، فيما الأستراليون الذين قرروا الطعن بهذه الالتماسات أمام القضاءين البريطاني والنيوزيلندي يكافحون منفردين.
ويوضح بول كالاندر “لن نتخلى يوما عن استخدام كلمة مانوكا. سنحتاج إلى سنوات لتعويد المستهلكين على كلمة جديدة، وهذا سيكلفنا ملايين الدولارات”.
واقترح وزير التجارة الأسترالي دان تيهان أخيرا على نظيره النيوزيلندي تنظيم قمة ثنائية لتعزيز التعاون بين البلدين بدل المواجهة في هذا الملف.
من ناحيته، لا يبدي جون روكليف اعتراضا على مثل هذا التوجه، لكن مسألة استخدام مصطلح “مانوكا” خارج البحث بنظره. لكن هذا الموقف يلقى معارضة أنا مارتن وسفين ستيفان.
ويقول مربي النحل “يمكننا جميعا أن نكسب المال إذا ما دافعنا عن أنفسنا معا ووضعنا مسار توثيق مشترك. حاليا، تبلغ كمية عسل مانوكا المباعة في العالم عشرة أضعاف الكمية المنتجة منه.
الكميات المقلدة هائلة. كما أن الأميركيين بدأوا أخيرا إنتاج عسل مانوكا، وهنا التهديد الحقيقي”. ولا يحظى هذا المسار الرامي للحصول على حق حصري بتسمية عسل مانوكا بدعم جميع مربي النحل النيوزيلنديين.
فقد عقدت “كومفيتا”، أكبر منتج للعسل في نيوزيلندا، منذ 2016 شراكة مع شركة “كابيلانو” الأسترالية لإنتاج عسل مانوكا معا… في أستراليا. ويحمل الملف أهمية كبيرة لنيوزيلندا.
فرغم أن الكميات المصدرة من البلاد أقل بعشر مرات من تلك المصدّرة من الصين، أصبحت نيوزيلندا العام الماضي أكبر مصدّر عالمي للعسل لناحية القيمة، مع مبيعات تراكمية تقرب من ثلاثمئة مليون دولار.