سعد الحريري رجل أعمال أهدرت السياسة ثروته وعلاقاته

بقلم:  يورونيوز  مع أ ف ب


رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري أمام أنصاره خلال حملة للانتخابات النيابية، بيروت، لبنان، الثلاثاء 1 مايو 2018

  –  
حقوق النشر 
AP Photo/Hussein Malla

رئيس الحكومة الأسبق وزعيم تيار المستقبل سعد الحريري الذي أعلن الإثنين تعليق نشاطه السياسي وعزوفه وتياره عن الترشّح للانتخابات البرلمانية المقبلة، رجل أعمال دفعه اغتيال والده الملياردير ورئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، إلى دخول معترك السياسة.

“الحفاظ على السلم الأهلي”

خلال أقلّ من عقدين، تمكن الحريري من تكريس زعامته في الطائفة السنية، متمسكاً بشعار ” الاعتدال” و”الحفاظ على السلم الأهلي”، وهو ما دفعه مراراً إلى تقديم تنازلات، أقرّ في خطابه الإثنين أنها كلفته الكثير، بدءاً من ثروته الشخصية وصولاً إلى علاقاته داخلياً وخارجياً.

وأمضى الحريري جزءاً كبيراً من حياته خارج لبنان، خصوصاً في السعودية حيث جمع والده، مؤسس تيار المستقبل السياسي، ثروة طائلة. وبرز على الساحة السياسية بعد اغتيال والده في 14 شباط/فبراير 2005 في تفجير مروع في وسط بيروت أغرق لبنان في أزمة كبرى.

وقاد الحريري آنذاك فريق “قوى 14 آذار” المعادي لسوريا إلى فوز كبير في البرلمان، ساعده في ذلك التعاطف الكبير معه بعد اغتيال والده، والضغط الشعبي الذي تلاه وساهم في إخراج الجيش السوري من لبنان بعد نحو ثلاثين سنة من تواجده فيه.

رئاسة الحكومة..التحديات

في وقت لاحق، حاول الحريري التعايش مع حزب الله، القوة السياسية والعسكرة النافذة في لبنان والمدعوم من طهران ودمشق، وشهدت علاقته به صعودا وهبوطا.

بعد اغتيال والده، اتهم الحريري النظام السوري بالوقوف وراء العملية، لكنه اضطر بعد تسلمه رئاسة الحكومة في 2009 وتحت وطأة ضغوط سياسية، إلى زيارة دمشق، قبل أن يعود إلى قطيعة معها، لا سيما منذ بدء النزاع في سوريا في 2011.

ترأس الحريري أول حكوماته بين 2009 و2011، وكانت تعد حكومة وحدة وطنية ضمت معظم الأطراف، وأسقطها حزب الله وحلفاؤه وبينهم الرئيس الحالي ميشال عون بسحب وزرائهم منها. وجاء ذلك بعد أزمة سياسية طويلة على خلفية رفض حزب الله للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان المكلفة النظر في اغتيال رفيق الحريري. وقد دانت المحكمة في آب/أغسطس 2020 أحد عناصر الحزب في القضية.

في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2016، تولى الحريري رئاسة الحكومة مجدداً بناء على تسوية جاءت بعون رئيساً للجمهورية بعد عامين ونصف من الفراغ الرئاسي.

في الانتخابات الأخيرة في 2018، تراجع حجم كتلة الحريري النيابية بنحو الثلث، وأعاد البعض انخفاض شعبيته إلى تنازلات سياسية قدّمها وبرّرها بهدف الحفاظ على السلم الأهلي. وكرّست تلك الانتخابات نفوذ حزب الله وقوته. وشكّل الحريري بعدها حكومته الثالثة التي أنهكتها الانقسامات، في ظل تنامي لنفوذ حزب الله مجددا.

وبات ينظر كثيرون إلى الحريري بوصفه رجل تسويات. وقال في خطابه الإثنين “لا شكّ أن منع الحرب الأهلية فرض علي تسويات”، مضيفاً “هذا كان سبب كل خطوة اتخذتها، كما كان سبب خسارتي لثروتي الشخصية وبعض صداقاتي الخارجية والكثير من تحالفاتي الوطنية وبعض الرفاق وحتى الإخوة”.

الحريري وصوت الشارع

واعتباراً من 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019، شهد لبنان حراكاً شعبياً غير مسبوق ضد كل الطبقة السياسية في البلاد المتهمة بالعجز والفساد، واستقال الحريري في 29 من الشهر ذاته.

بعد سنة من مراوحة الأزمة، سمي الحريري مجددا لتشكيل حكومة، لكنه لم ينجح في ذلك.

وأقر الحريري حينها بمسؤوليته كجزء من الطبقة السياسية، عما آل إليه الوضع. وتطرق في خطاب عزوفه الإثنين الى هذه النقطة مجدداً، بقوله إن ما لا يمكنه تحمّله “هو أن يكون عدد من اللبنانيين (..) باتوا يعتبرونني أحد أركان السلطة التي تسببت بالكارثة والمانعة لأي تمثيل سياسي جديد من شأنه أن ينتج حلولاً لبلدنا وشعبنا”.

السعودية..الداعم الكبير

وبعد أن كان “الطفل المدلل” في السعودية، توترت علاقته بها كثيرا على خلفية التسويات التي وافق عليها مع حزب الله الذي تعتبره الرياض منظمة “إرهابية” تنفذ السياسة الإيرانية.

في 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، أعلن الحريري استقالته من رئاسة الحكومة من الرياض، قائلا إنه يريد إحداث “صدمة” تفتح الأعين على دور حزب الله السلبي وانعكاساته على لبنان بسبب تدخله في النزاعات الاقليمية بدعم من ايران.

واعتبر خصومه قرار استقالته “سعودياً”، وقاد الحكم ممثلا برئيس الجمهورية حملة دبلوماسية متهما الرياض بإبقاء الحريري لديها “رهينة”.

وغادر الحريري الرياض بعد أكثر من أسبوعين عائداً الى لبنان وعن استقالته بعد تدخل من فرنسا.

واهتزت علاقته منذ ذاك الحين بالرياض.

بعيدا عن السياسة

يحمل الحريري المولود في السعودية، إجازة في الاقتصاد من جامعة جورج تاون في واشنطن. وهو متزوج من لارا بشير العظم التي تنتمي إلى عائلة سورية عريقة شاركت في السلطة في سوريا خلال الخمسينات. ولديهما ثلاثة أولاد.

ويروي مقربون منه أنّه يهوى القيام بتمارين رياضية منتظمة والطبخ، ويعدّ الطعام أحياناً لأصدقائه.

يرأس الحريري شركة البناء “سعودي أوجيه” المثقلة بالديون والتي قامت بصرف موظفيها الـ 56 ألفا أو توقفت عن دفع رواتبهم بعد انخفاض سعر برميل النفط وتراجع مشاريع الإعمار في المملكة العربية السعودية حيث كانت لديها أعمال ضخمة.

في أيلول/سبتمبر 2019، أعلن الحريري تعليق العمل في تلفزيون المستقبل الذي يملكه بعد أكثر من ربع قرن على إطلاقه. ثم توقفت صحيفة المستقبل التي أسسها والده، عن الصدور ورقياً مطلع 2019، بعد عشرين عاماً من بدء صدورها.

وكانت مجلة “فوربز” تقّدر ثروة سعد الحريري بـ1,5 مليار دولار، لكنّه خسر الكثير خلال السنوات الماضية. وقال عام 2020 “لم يعد لديّ ولا أي مليار، بل أقل بكثير”.

Exit mobile version