سيّدة أعمال أفغانية تواجه طالبان بسلاح الزعفران

بقلم:  يورونيوز مع أ ف ب


عاملة أفغاني تفرز أزهار الزعفران في حقل على مشارف هرات، أفغانستان، 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018

  –  
حقوق النشر 
AFP

تتعهّد سيدة أعمال أفغانية توظف مئات النساء في حقول الزعفران، بالدفاع عن حقوق العاملات لديها و”عدم التزام الصمت” في ظل حكم طالبان، التي تستبعد بشكل متزايد النساء من الحياة العامة، منذ استولت على السلطة في منتصف آب/اغسطس، ما دفع العديد من صاحبات المشاريع إلى الفرار من البلاد أو التواري عن الأنظار.

ويخشى كثيرون من معاودة الحركة اتّباع نهج حكمها السابق من العام 1996 حتى 2001، عندما كانت تحظر على النساء ارتياد المدارس أو العمل، ولم يسمح لهّن بمغادرة منازلهن إلا بصحبة أحد أقاربهن الذكور.

وتقول شفيقة عطائي، التي أسست شركتها للزعفران في مدينة هرات (غرب) عام 2007: “سنرفع أصواتنا حتى تصل إلى مسامعهم”، وتضيف: “لن نمكث في المنازل مهما حصل، بذلنا جهودا كبيرة”.

وتقوم “شركة زعفران بشتون زرغون للنساء” التي أسستها عطائي بإنتاج وتعليب وتصدير نوع التوابل الأغلى ثمنا في العالم، مستخدمة يدا عاملة تكاد تقتصر بالكامل على النساء.

وتقطف أكثر من ألف امرأة الزعفران ذو اللون الزاهي في أراضي الشركة، الممتدة على 25 هكتارا في منطقة بشتون زرغون في ولاية هرات المحاذية لإيران.

وهناك 55 هكتارا آخر مملوكة لجهات مستقلة وتديرها جمعية أسستها عطائي للنساء العاملات في قطف الزعفران، والممَثّلة من قبل قادة نقابات. وأشارت عطائي إلى أن توظيف النساء يتيح لهن إعالة عائلاتهم، وإرسال أطفالهن إلى المدارس وشراء الملابس وغيرها من الأساسيات. وقالت سيّدة الأعمال البالغة 40 عاما: “عملت جاهدة لتأسيس شركتي، لا نريد أن نجلس بصمت ويتم تجاهلنا، وحتى وإن تجاهلونا، فلن نصمت”.

الزعفران بديلا للخشخاش

وشجّعت الحكومة السابقة المدعومة من الغرب والتي أطاحتها حركة طالبان، على زراعة الزعفران المستخدم في مختلف الأطباق من البرياني وصولا إلى البايلا، في مسعى لإبعاد المزارعين عن زراعة الخشخاش التي تشكل قطاعا ضخما في أفغانستان، لكن لا تزال أفغانستان أكبر بلد منتج للأفيون والهيروين إذ توفر ما بين 80 و90 في المئة من الانتاج العالمي.

وخلال فترة حكمها السابقة، قامت طالبان التي استخدمت بيع الأفيون لتمويل تمرّدها، بتدمير الجزء الأكبر من هذه المزروعات، مؤكدة سعيها لاستئصالها، رغم أن معارضيها أشاروا إلى أن الهدف الحقيقي كان رفع أسعار مخزوناتها الضخمة منها.

وازدهرت زراعة الخشخاش مجددا في السنوات الأخيرة مع ازدياد الفقر وعدم الاستقرار. وتفيد الأمم المتحدة بأن مساحات إنتاجها في أفغانستان باتت حاليا أكبر بنحو أربع مرّات مما كانت عليه في 2002. وتنتج ولاية هرات الجزء الأكبر من الزعفران الأفغاني.

ويعد الزعفران أغلى نوع توابل في العالم إذ يصل سعره إلى أكثر من 5000 دولار للكيلوغرام. وتنتج شركة عطائي ما بين 200 و500 كلغ في السنة.

واستخدمت مدقة الزهرة حول العالم على مدى قرون في الطهي والعطور والأدوية والشاي وحتى كمنشط جنسي. ونظرا لارتفاع سعرها، أطلق عليها “الذهب الأحمر” في أوساط الأشخاص الذين يعتمدون على زراعتها.

وتنمو زهور الزعفران البنفسجية تحت الشمس الحارقة وتحصد في تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر على أيدي عمال معظمهم نساء في العقد الخامس أو السادس من العمر، يبدأن القطاف فجرا قبل أن تذبل النبتة مع مرور اليوم.

وينزع العمال بعد ذلك الأوراق البنفسجية الرقيقة والمياسم الحمراء الفاقعة والأسدية الصفراء الباهتة، في عملية منهكة تتطلّب الكثير من التركيز والمهارة.

ولا تشعر عطائي بالقلق على مستقبل تجارتها فحسب، بل كذلك على النساء في أنحاء أفغانستان اللواتي يعشن حالة غموض حيال الوظائف والتعليم وتمثيلهن في الحكومة، وقالت: “بما أن حكومة الإمارة الإسلامية تتولى السلطة الآن، نشعر بقلق بالغ من احتمال منعنا من العمل”، وأضافت: “لم يعطوا الفتيات الإذن للعودة إلى المدارس والجامعات، ولم يمنحوا أي امرأة منصبا في الحكومة، أشعر بالقلق مما قد يحصل”، وأردفت: “لا أفكر بنفسي فقط، أفكّر بكل أولئك الأشخاص الذين تساعدهم هذه الشركة في كسب عيشهم”، مشيرة إلى أن بعض موظفاتها يتولين لوحدهن مهمة إعالة أسرهن، وقالت: “أشعر بالقلق من ذهاب 20 عاما من عمل هؤلاء النساء الشاق هدرا”.

سيدات أعمال

وفي السنوات الـ20 بين إطاحة قوات بقيادة واشنطن بحكم طالبان عام 2001 وعودة الإسلاميين إلى السلطة، باتت العديد من النساء سيّدات أعمال خصوصا في مدن مثل هرات.

وشهدت المدينة التي لطالما كانت مركزا تجاريا قرب حدود إيران وتركمانستان فرار العديد من سيّدات الأعمال في الشهور الأخيرة. وأفاد رئيس غرفة التجارة في المدينة يونس قاضي زاده فرانس برس أنه يأمل في أن تقوم طالبان بإعلان رسمي توضح من خلاله بأنه “يمكن للنساء العودة ومزاولة نشاطاتهن التجارية في ظل هذه الحكومة أيضا”.

لكن حتى الآن، يبدو مصير شركات كتلك التي تديرها عطائي معلّقا. وأفاد قاضي زاده قائلا: “نأمل في أن نطلق أعمال النساء التجارية مجددا في بلدنا”. بدورها، أكدت عطائي أنها ستبقى في الوقت الراهن في بلدها لأنها متشبّثة “بشيء من الأمل” بأن تتمكن شركتها من الصمود.

وقبل الانسحاب الأميركي تم إجلاء 124 ألف شخص تقريبا من مطار كابول. وأكدت عطائي قائلة: “كان بإمكاني المغادرة أيضا. لكنني لم أغادر لأن كل هذا العمل الشاق والجهد الذي بذلناه لا يجب أن يذهب سدى”. وأضافت: “لا أعتقد أنهم سيمنعون عملنا”، في إشارة إلى طالبان، وقالت: “نحن شركة تدار بالكامل من قبل النساء وتوظف نساء، لا يوجد رجل يملك ما يكفي من الشجاعة لوقف ذلك. لا يمكن تهميش امرأة حرثت حقولها طوال اليوم”.

Exit mobile version