شاهد: الأردنية فياض تبحث عن تحطيم الصور النمطية بممارسة الألعاب القتالية
تلكم الأردنية لينا فيّاض بقوّة وتركل بشراسة داخل قفص الفنون القتالية المختلطة “أم أم ايه”، محاولةً تحطيم صورة نمطية للفتاة العربية، منذ بداية مشوار توّجها بألقاب عربية وعالمية في الألعاب القتالية وصولاً إلى رغبتها بتحقيق حلم بلوغ بطولة “يو أف سي” الشهيرة.
بشعرها الطويل وعضلاتها المفتولة، تقول فيّاض البالغة 33 عاماً بشغف لوكالة فرانس برس “من يضع هدفاً نصب عينيه، لن يمنعه شيء من تحقيقه. سمعت في بداياتي انتقادات كثيرة وهي مستمرة حتى الآن، لكن هذا لا يهمّ فأنا أبحث عن تحقيق حلمي وصولاً إلى بلوغ يو أف سي”.
وفيما تُعدّ ممارسة الرياضات القتالية لدى السيدات غير محبّذة في بعض المجتمعات العربية المحافظة، تابعت فيّاض “حواجز كثيرة وقفت في طريقي: إصابات، انتقادات، كنت أُطرد من الأندية الرياضية لأنني فتاة ويرفض الذكور خوض التمارين معي. كنت أتضايق في البداية لكني الآن غير مهتمة”.
بتحفيز من والدها الملاكم، دخلت فياض عالم الرياضات القتالية بعمر العاشرة، فمارست التايكواندو منذ الثانية عشرة، الكيك بوكسينغ، المصارعة، جوجيتسو وصولاً إلى الفنون القتالية المختلطة “أحرزت ثلاث ذهبيات كيك بوكسينغ في البطولات العربية، ذهبية عالمية في المواي تاي وفضية في البطولة العربية. تحوّلت إلى أم أم ايه في 2017، فخضت حتى الآن ثلاث نزالات حققت فيها الفوز مرتين. النزال الأخير خسرته بقرار من الحكم وهذا حفزني للتعويض”.
حافز ذهني
تابعت الفتاة المرتدية قميص المقاتلين الأردنيين “النشامى”: “لو استمعت الى الانتقادات واصبحت ربّة منزل فلن أكون سعيدة. أريد الاستفادة من المزايا التي منحني اياها الله لتحقيق المزيد”.
فضلاً عن سجلها الرياضي، تؤدّي فياض رسالة مجتمعية “أنا السيدة الوحيدة التي تمارس أم أم ايه في الأردن. أحظى بتعليقات لطيفة من السيدات ويتحفزن كثيراً عندما يرونني. أشعر اني مسؤولة نوعاً ما لأني أريد اثبات ان الفتيات العربيات قادرات على بلوغ أهدافهن. سأحقق الكثير لأثبت لهن قدرتنا على ذلك”.
لماذا قرّرت فياض ممارسة رياضة يصفها البعض بالعنيفة والدموية؟ “يمارس البعض هذه الرياضة لكسب المال، الشهرة، أما أنا فأحب الأدرينالين الناجم عن التنافس داخل القفص. أحبّ الانضباط وقساوة التمارين التي تمنحك الحافز، ليس فقط جسدياً انما ذهنياً”.
فضلا عن مزايا هذه الرياضة وتعزيزها الثقة بالنفس، يبحث الرياضيون عن مصدر رزق بحال عدم وصولهم إلى المراتب الأولى عالمياً “تحتاج إلى أكثر من عشر نزالات لتبدأ في كسب المال والحصول على عقود. يجب أن تكون صبوراً. هذه الرياضة تأخذ كل وقتك، تتدرب بين ست وسبع ساعات يومياً، ويصبح نظامك الغذائي وفترات نومك رهينة لها. عندها يجب أن تخوض النزالات وتنال في المقابل (بدلا مادياً)”.
الوحش الشرس
برغم اكتساب هذه الرياضة شعبية كبيرة في الأردن وفي محاولة لتطوير مسيرتها واكتساب خبرة إضافية، قطعت فيّاض مسافة قصيرة فوق البحر المتوسط إلى جزيرة قبرص حيث تتدرّب وتشرف على تمارين قتالية في قاعات الرياضة البدنية “أحبّ هذا البلد كثيراً. أشارك في معسكر رياضي وأتدرّب كما العادة”.
في العاصمة نيقوسيا، تخوض التمارين مع مدرّب قبرصي وتستعد لنزال محتمل في حزيران/يونيو في مدينة ليماسول الشاطئية بحال تعافيها من إصابة أخيرة “هنا السيدات يفضلن تمارين اللياقة البدنية ولا يخضن كثيراً منافسات أم أم ايه”.
برغم تعرّضها لكسور في قدميها، عادت فياض إلى التمارين متحاملة على أوجاعها، بحثا عن تسلق القمة تدريجاً.
ولا تفكّر في التخلّي عن الرياضات القتالية حتى بعد اعتزالها أم أم ايه “سأتوقف عندما أتقدّم في العمر. سأنتقل لرياضة أخرى تناسب سني وابدأ في ممارسة الجوجيتسو”.
تستمتع فياض بكنيتها “الوحش الشرس”، وتقول “أسمع كثيراً انني متوحشة داخل القفص وبالفعل أنا لا أخاف. هذا اللقب يمثلني”.