فرنسا: رئيس الحكومة جان كاستكس يعطي شارة انطلاق أعمال “اللجنة المشتركة بين الوزارات للعلمانية”
نشرت في:
بطلب من الرئيس إيمانويل ماكرون، أشرف رئيس الحكومة الفرنسية جان كاستكس الخميس على تدشين أعمال “اللجنة المشتركة بين الوزارات للعلمانية”. وتهدف هذه اللجنة الجديدة التي تعوض عن “المرصد الوطني للعلمانية” إلى الحفاظ على مبدأ العلمانية في جميع مؤسسات ومرافق الدولة، فضلا عن أنها ستأتي تكملة لقانون “محاربة الانفصال عن قيم الجمهورية” الذي يُنتظر أن تصادق عليه الجمعية الوطنية الفرنسية في 22 من شهر يوليو/تموز الجاري.
قام رئيس الحكومة الفرنسية جان كاستكس الخميس بإعطاء شارة انطلاق أعمال “اللجنة المشتركة بين الوزارات للعلمانية“. وإطلاق هذه الهيئة الجديدة، بقرار للرئيس إيمانويل ماكرون، جاء بعد حل الحكومة الفرنسية الشهر الماضي “المرصد الوطني للعلمانية” الذي كان يترأسه جون لوي بيانكو منذ 2013 وقبل أسبوع فقط من مصادقة منتظرة للجمعية الوطنية على قانون “محاربة مبدأ الانفصال عن الجمهورية” المقرر في 22 من الشهر الجاري.
وشارك في الاجتماع الأول الذي ترأسه جان كاستكس سبعة وزراء، من بينهم جان ميشال بلانكير (وزير التربية) ومارلين شيابا (الوزير ة المنتدبة المكلفة بالمواطنة) وأميلي دو منشالان (وزيرة الوظيفة العمومية) وأولفييه فيران (وزير الصحة). وصادقوا على خطة عمل تشمل 17 تدبيرا. وتهدف هذه الخطة إلى الحفاظ على مبدأ العلمانية (فصل الدين عن الدولة) في جميع مؤسسات الدولة والمرافق العمومية ومحاربة كل أشكال التطرف الديني داخل المجتمع الفرنسي.
للمزيد، فيديوغرافيك: المسموح والممنوع في قانون العلمانية الفرنسي وتطوره التاريخي
وبهدف احترام مبدأ العلمانية المتعامل به بفرنسا، ستقوم الهيئة الجديدة بتنظيم دورات تدريبية لغاية 2025 لجميع الموظفين العموميين الفرنسيين. الهدف من ذلك تلقينهم مبادئ العلمانية وأهدافها وكيفية التعامل مع الآخرين في إطارها وسبل حث المواطنين على احترامها.
إنشاء مكتب “العلمانية” في وزارة الداخلية
وفي تصريح لصحيفة “لوفيغارو”، قالت مارلين شيابا الوزيرة المنتدبة والمكلفة بالمواطنة “إضافة إلى الخطابات القوية التي ألقاها ماكرون في مدينة ميلوز (شرق فرنسا) وبلدة ’لي ميرو‘ (بضواحي باريس) حول العلمانية، فإرساء هذه اللجنة الجديدة ما هو إلا برهان عن أننا نسعى إلى تحقيق على أرض الواقع نتائج إيجابية بشأن هذا الموضوع (العلمانية)”.
وأضافت “تعيين -اللجنة المشتركة بين الوزارات للعلمانية– هي نتيجة للعمل الدؤوب الذي قمت به رفقة وزراء آخرين منذ شهور واليوم كلنا على نفس الخط فيما يتعلق بهذه المسألة”.
وتابعت “الهدف من هذه اللجنة الجديدة هو منع تجدد أحداث مشابهة لتلك التي أودت بحياة المدرس صامويل باتي”، مؤكدة ” نعرف من الآن فصاعدا إلى أي جهة يمكن نرجع، لا سيما أن نرفع شكوى، في حال ما واجهنا أية مشكلة مرتبطة بالعلمانية”.
هذا، وصرحت مارلين شيابا أنه “ابتداء من العام المقبل، سيتم توظيف ’ممثلين للعلمانية‘ في جميع الإدارات والمرافق العمومية تحت إشراف ’مكتب العلمانية‘ المتواجد في مقر وزارة الداخلية والذي يعتبر بالنسبة لنا ’الذراع العسكري والإداري‘ للجنة المشتركة بين الوزارات حول العلمانية” التي يتم تنصيبها اليوم الخميس.
إنشاء “يوم العلمانية” في فرنسا
فمن بين المهام العديدة لـ”مكتب العلمانية” المتواجد في مقر وزارة الداخلية، السهر على تطبيق واحترام مبدأ العلمانية في مؤسسات الدولة مع إمكانية رفع شكوى أمام القاضي الإداري ضد أي شخص أو موظف لا يحترم هذه المبادئ. كما يلزم أيضا القاضي على الكشف عن نتائج التحقيق في غضون مدة لا تتعدى 48 ساعة.
من جهة أخرى، أعلنت “اللجنة المشتركة بين الوزارات للعلمانية” تخصيص 9 ديسمبر/كانون الأول “يوم العلمانية” على المستوى الوطني والذي يتزامن مع تاريخ إنشاء قانون العلمانية في عام 1905.
وتريد الحكومة اغتنام ذكرى المصادقة على قانون العلمانية في 1905 من أجل “ترقية قانون العلمانية بالمنظور الفرنسي” وشرح النصوص التي يتضمنها هذا القانون ليتسنى للمواطنين فهمها بالشكل الصحيح. كما ستستمر اللجنة في منح “جائزة العلمانية” كل سنة للذين يساهمون في نشر قيم هذا القانون والدفاع عنه.
كما سيعين نائبان لرؤساء المحافظات في جميع المدن الفرنسية لمراقبة مدى احترام مبادئ العلمانية فضلا عن إطلاق برامج تثقيفية وتوعوية للترويج لها عبر البلاد.
“تناقض رسائل الحكومة حول العلمانية”
ويحظى قطاع التربية باهتمام بالغ من طرف مكتب العلمانية نظرا للظروف الصعبة التي مر بها هذا القطاع بعد مقتل المدرس صامويل باتي والصدمة التي خلفها في أذهان المعلمين والطلاب.
وكان وزير التربية جان ميشال بلانكير قد كلف في شهر فبراير/شباط الماضي المفتش العام السابق في قطاع التربية جان بيير أوبين لتطوير وإثراء محتوى الدورات التدريبية التي سيقوم بها المدرسون ومدراء المؤسسات التربوية من أجل التعامل بشكل سليم ومتوازن مع قانون العلمانية في إطار الممارسة اليومية لمهنتهم.
إلى ذلك، انتقد جان لوي بيانكو الرئيس السابق للمرصد الوطني للعلمانية الخطة الجديدة التي اقترحتها الحكومة قائلا بأن “المسؤولين السياسيين والمثقفين أصبحوا للأسف يبررون جميع المشاكل التي نعاني منها في فرنسا بالعلمانية”.
وقال في حوار مع موقع للأخبار “لا غازيت” في شهر أبريل/نيسان الماضي “أصبحنا نخلط ونمزج بين العلمانية والتطرف وبين العلمانية والإسلام الراديكالي”. وتابع “حتى رؤساء البلديات أصبحوا لا يفهمون أي شيء في هذا المجال بسبب تناقض الرسائل التي ترسلها الحكومة حول العلمانية”، داعيا إلى “عدم ربط المشاكل التي تمر بها فرنسا بالعلمانية”.
وأنهى “هناك مخاوف حقيقية من أن تفرض رقابة أكثر على المجتمع باسم العلمانية في السنوات المقبلة”.
فرانس24