فيروس كورونا: كيف نجحت سيدات فوق سن الـ 50 في كسب آلاف الدولارات رغم الإغلاق؟
بي بي سي تلقي الضوء على رائدات أعمال تزيد أعمارهن عن 50 عاماً وتمكن من تأسيس شركات وإقامة مشروعات ناجحة خلال فترة الإغلاق.
بدأت فايي رايمي أبراهام، التي تقيم في جنوب العاصمة البريطانية لندن، أول مشروع تجاري لها وهي في الثانية والخمسين من عمرها، وتقول عن ذلك: “افعل ما تشعر به. لا تتوقف وتنتظر أن تتوفر كل عوامل النجاح اللازمة لفكرة عملك”.
وتشير أبراهام إلى أن مشروعها التجاري، الذي يحمل اسم شركة ” Black Dementia” (الخرف الأسود)، نابع من تجربتها الشخصية.
وخلال فترة الإغلاق بسبب تفشي فيروس كورونا، توقفت أبراهام عن العمل كمنسقة تعليم مجتمعي مع إحدى الجمعيات الخيرية الوطنية، وتفرغت لمساعدة والدتها المصابة بالخرف.
ومن المعروف أن المصابين بالخرف يجدون راحة في تذكر الماضي باستخدام أشياء مألوفة.
لكن أبراهام وجدت صعوبة في العثور على أشياء قديمة لها علاقة بوالدتها، التي نشأت في ترينيداد وتوباغو.
وشعرت أبراهام أن هناك فجوة في سوق الأدوات والوسائل التي تساعد على رعاية المصابين بالخرف برموز ثقافية تستهدف الأشخاص الذين نشأوا في الأسر المنحدرة من منطقة البحر الكاريبي.
ويتضمن عملها عبر الإنترنت إنشاء وبيع مثل هذه الأشياء. واستعانت بصناع الألغاز والصور التركيبية، وبرسامين لإعداد كتب تلوين – ولكي تنقل فعاليات المتجر على الهواء مباشرة.
تقول أبراهام ضاحكةً: “لم أكن أعتقد أنني سأبدأ عملاً تجارياً في هذه المرحلة من حياتي، ربما كان ينبغي أن أفكر في خيارات التقاعد”.
لكنها تعتقد أن رواد الأعمال الناضجين لديهم بعض المزايا، وتقول عن ذلك: “النضوج يجعلك قادرا على مواجهة التحديات والضربات القوية. من المؤكد أن المرء يتأثر نفسيا عندما يواجه بالرفض، لكن يتعين عليه أن ينسى ذلك ويمضي قدما”.
وتساءلت أيضا عما إذا كان من “الحماقة” بدء عمل تجاري أثناء فترة الإغلاق، في الوقت الذي يحاول فيه معظم الناس الحفاظ على وظائفهم.
لكن كانت هناك فكرة واحدة استمرت في دفعها للأمام، وهي أن “هناك أناساً مثل أمي يحتاجون إلى مثل هذه المنتجات”.
وتقول بولا غرادي، البالغة من العمر 57 عاماً وتقيم في مقاطعة هامبشاير: “نصيحتي لكل رواد الأعمال الأكبر مني سنا هي: أنت لست بلا قيمة”.
وقد جعلت الظروف بولا تشعر في كثير من الأحيان أنه لا قيمة لها في سوق العمل، حتى قبل تفشي فيروس كورونا.
وعملت بولا خلال أغلب سنوات حياتها المهنية كمديرة حسابات في مبيعات تكنولوجيا المعلومات، قبل أن يتوقف ذلك بشكل مفاجئ العام الماضي.
وكان البحث عن عمل أثناء فترة الإغلاق بمثابة مهمة شبه مستحيلة. وفي نهاية المطاف، عثرت بولا على وظيفة بدوام جزئي، وأقل أجراً في قطاع الرعاية الصحية ـ والذي أغلق بدوره تحت وطأة تفشي فيروس كورونا.
لقد تقدمت بولا لأكثر من 500 وظيفة خلال فترة الإغلاق، لكن ثلاث شركات فقط هي من اتصلت بها لإجراء مقابلات للعمل.
وفي كثير من الحالات شعرت بأن مؤهلاتها أكبر مما هو مطلوب. وتقول عن ذلك: “قال لي من أجروا معي مقابلات العمل بطريقة غير رسمية إنني لم أكن الجنس المطلوب وإنني قد تخطيت الخمسين عاما. لذا قررت أن أعتمد على نفسي. إذا لم يكن باستطاعتك الحصول على وظيفة، فابتكر واحدة”. وهكذا أنشأت بولا شركة لصناعة الشموع المعطرة.
وكانت بولا قد تدربت في بداية حياتها المهنية على فن إدارة الضيافة، بما في ذلك إعداد أطباق الطهي، وهو الأمر الذي كانت تستمتع به كثيرا.
وقد ذكرتها عملية صنع الشموع، التي تنطوي على اتباع وصفات، بذلك العمل، لذا حولت مرآبها إلى استوديو لصنع الشموع. وبدأت بولا شركتها، التي أطلقت عليها اسم ” أوسمي للشموع”، منذ ما يزيد بقليل عن شهر واحد، ووقعت عقوداً مع شركة تصميم مطابخ ومتجر لبيع الهدايا كعملاء لها، ودخلت في مفاوضات مع موردين كبار. وباتت بالفعل قادرة على الحصول على أجر صغير.
وتعتقد بولا، مثل أبراهام، أن هناك العديد من الفوائد لكونك رائد أعمال أكبر سنا، قائلة: “أنا لا أفهم لماذا لا تكون هناك قيمة أكبر للخبرات”.
وتضيف: “تحتاج الشركات إلى أشخاص أصحاب خبرات وواجهوا مواقف مماثلة من قبل. لديك خبرة في الحياة وأمثلة عملية يمكنك الاستفادة منها- لكن الشباب ليس لديهم مثل هذه الخبرات”.
وتنصح رواد الأعمال الأكبر سناً قائلة: “لا تتردد في المجازفة، استخدم المهارات التي تعلمتها على مر السنين”.
وتقول بولا إن القيام بأشياء مثل إنشاء موقع على الإنترنت أو استخدام طريقة للدفع عبر الإنترنت، ليس بالأمر الصعب كما تعتقد.
أما كيم بروكس، البالغة من العمر 59 عاما والتي تعيش في سومرست، فتنصح رواد الأعمال الأكبر سناً بأن يكونوا أكثر استعداداً لمواجهة المخاطر.
ولا تعد كيم غريبة على مجال ريادة الأعمال، نظرا لأن وظيفتها اليوم هي تقديم المشورة للخريجين الجدد الذين يفكرون في إنشاء مشروعات جديدة.
وكانت قبل عشر سنوات قد أنشأت شركة تسجيل الهدايا، والتي تتيح للناس إنشاء قوائم بالهدايا التي يرغبون في شرائها لمناسبات مثل أعياد الميلاد وحفلات الوداع.
وأطلقت كيم أحدث مشروع لها في أغسطس (آب) الماضي، وهو عبارة عن علامة تجارية فاخرة معطرة للمجوهرات تسمى “بيرفينو”، كما تبيع صناديق الهدايا التي تحتوي على عطور.
وباعت كيم في الصيف الماضي 20 صندوقاً، محققة عوائد تقدر بنحو 2000 جنيه إسترليني، كما حصلت على تمويل من برنامج “فيرجن” لدعم الشركات الناشئة.
وتقول كيم إن رواد الأعمال الشباب يفتقرون إلى الثقة بالنفس، وهذا يجعلهم يحجمون عن المخاطرة، وبالتالي فهي تعمل على مساعدة الشباب على الشعور بالثقة بالنفس.
وتقول إن كبار السن لديهم خبرات متراكمة، وهذا ما يمنحهم الثقة والقدرة على تحمل المخاطر.
وتضيف: “كما أنك تصل إلى مرحلة لا يهمك عندها حكم الآخرين عليك أو رأيهم فيك”. سأنشر مقاطع فيديو على إنستغرام، ولا أهتم برأي الناس”.
كما يمكن أن يجلب التقدم في العمر شعورًا بالحاجة الملحة إلى عمل جديد، كما تعتقد، إذ تقول: “لقد توفيت أمي وهي في الثامنة والستين من عمرها – عمري الآن 59 عامًا -لا أشعر بالكبر في السن، أشعر بالحيوية وآمل أن يكون أمامي عقود من الزمن، لكن يمكن للسنوات أن تمضي بسرعة، وهو ما يجعلك تتساءل: إن لم يكن الآن، فمتى؟”.