الأداء العالي الخاص، والحفر على الشخصية، جعلا من الممثل السوري، كرم الشعراني، بطلاً من أبطال العمل الدرامي «كسر عضم»، فهو ممثل يقف إلى جانب الفنان فايز قزق بثقة وندّية، ويصل إلى أعماق الشخصية، ويعيدنا إلى شخصيات «ماكبث»، أو «عنبر» تشيخوف، فبين دقيقة وأخرى يستطيع أن يغير ملامحه ونظرته وصوته أيضاً، وقد وصف بـ«الثعلب» و«الشيطان»؛ كونه اليد اليمنى لـ«الحكم» ضابط الأمن (فايز قزق)، وأكثر ما يميزه التلوين في الأداء، ولغة الجسد، والصوت؛ فأجاد في الحفر على شخصية رجل الأمن الانتهازي، الذي يبرر كل شيء، وينفذ أي شيء، دون أن يرف له جفن، وليس غريباً هذا على ممثل جاء من المسرح.. حول التجربة ونجاح العمل، كان لـ«زهرة فن» معه هذا الحوار:
* أديت دور الثعلب والشيطان والتابع أيضاً في شخصية «هيثم».. كيف استطعت الوصول إلى هذا الأداء العالي؟
– دائماً لأي بناء هناك أرضية ننطلق منها. وهنا، أتوقف عند كاتب السيناريو معين صالح، وأيضاً المخرجة رشا هشام شربتجي، التي تفكك وتعرّف بالشخصية، من هو «هيثم»، كيف سنُظهر صورة «هيثم»، إضافة إلى أنها مخرجة تترك للممثل مساحة الاقتراح، مساحة الحرية للعب بالدور، والصوت، ولغة الجسد، وقراءة الشخصية من الجانب النفسي. أعطتني المساحة ضمن المنهج الذي رسمناه لهذه الشخصية خلال اللقاء مع «الحكم»، ومع الشخصيات الأخرى؛ لأن الأداء يختلف باختلاف من ألتقي معهم داخل العمل، أعطتني كل المساحة، فكانت طريقة الأداء لغة الجسد، والصوت، بهذه الطريقة، وصار النحت على الشخصية، فاستطاعت أن تصل إلى الناس من الباب الواسع، واسمحوا لي بأن أشكر جمهوري، وكلَّ من تفاعل مع العمل والدور؛ لأنني لم أستطع أن أرد على كل واحد على حدة، وفي الحقيقة النجاح هو ما أثاره هذا العمل من متابعة وجدل.
* خلال وجودك بين هذه الكوكبة من الممثلين.. ماذا تعلمت منهم؟
– لا شك في أنني محظوظ؛ لوقوفي بين هؤلاء النجوم: كاريس بشار، وفايز قزق، وكل الشباب المبدعين، ونجمة الدراما السورية نادين خوري، التي لا يختلف اثنان في حضورها وتألقها وإحساسها وتميزها العالي. سامر إسماعيل صديقي من أيام المعهد العالي للفنون المسرحية، وفي الحقيقة أي مشهد جيد يعتمد على شريكين مثل رياضة التنس تماماً، والمتعة أن نتابع اللاعبَيْن معاً. من هنا، فإن التكافؤ هو ما يمنح المتعة، وإلا سيبدو المشهد مملاً، فلا بد من وجود كيمياء، وهذا كان فعلاً موجوداً في «كسر عضم»، لاسيما أنني ألعب مع أستاذي فايز قزق، الذي درسني في المعهد ثلاث سنوات، وتشربنا منه الثقافة، والقراءة، ومعنى الأداء والدور.
* كيف أثرت فيك ردود فعل الناس على دورك وإعجابهم بك؟
– التفاعل مع العمل كان بالنسبة لي أكثر من أي وصف، أقبل جبين كل فرد تفاعل مع الأداء والدور والعمل، على جميع وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الحقيقة إنني عاجز عن الوصف، والتفاعل فاق التوقعات.
* العمل يسلط الضوء على الفساد، إلى جانب الغلاء والانتهاكات.. على المستوى الواقعي والحلمي ماذا تقول؟
– الفساد جزء من الواقع، والمسلسل خرج من أروقة الرقابة السورية التي وافقت على العمل، ولا يمكن أن تُغطى الشمس باليد؛ لأن المشهد ليس غامضاً، والناس يعبرون من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. وأقول في هذا السياق نحن طرحنا مشاكل ما بعد الدمار والحرب، ولا نزال نمر بالأزمة الاقتصادية، وكل من اتهم بأنه يوهن الإرادة العامة أو يضلل، فأنا لن أرد؛ لأن الشارع رأيه واضح، ويكفي أننا نسلط الضوء على شخصية مثل «الحكم»، رجل أمن، ومهرّب مخدرات، ويعتبر العالم شريعة غاب والبقاء للأقوى، ودوري هو مكمل له، بمعنى نحن شريكان في الفساد.
* بعد نجاح العمل، الكثير من الممثلين كشفوا أنهم اعتذروا عن المشاركة في «كسر عضم».. لماذا برأيك؟
– بالنسبة للزملاء الذين كشفوا عن الاعتذار عن المشاركة، السؤال يوجه إليهم. صحيح بعثت الأدوار إليهم، والكرة في ملعبهم، لكن لم تجرِ العادة أن يعتذر ممثل، ويعلن عن الدور الذي اعتذر عنه، وإنما يحكي عن اعتذاره عن العمل فقط.
* هل كنت تتوقع أن يحقق «كسر عضم» كل هذا النجاح؟
– من خلال قراءتي للدور والسيناريو، كنت أتوقع هذا النجاح، وأنه سيكون نقطة نجاح مهمة جداً، وما حدث فاق التوقعات؛ فقد أعاد الألق إلى الدراما السورية، فمنذ وقت طويل لم نجد هذه الأصداء التي تتعدى حدود سوريا، لقد وصل إلى العالم العربي، وأثبت أن الدراما السورية رقم صعب.
* هل هناك جزء ثانٍ من العمل؟
– المخرجة رشا شربتجي صرّحت بأنه ستكون هناك أجزاء تالية للعمل، وسيكون العمل الثاني اسمه «في النخاع»، لكن لم يطرح أي نص إلى الآن.