تهدد الحملة العسكرية الروسية ضد أوكرانيا قطاع الملابس العالمي، المنهك بالفعل جراء وباء كورونا، بمزيد من الاضطرابات.
وليس لروسيا دور كبير في إنتاج الملابس وتجارتها، لكنها تلعب دورا كبيرا في استهلاكها، وصناعة الملابس لن تكون محصنة ضد الآثار المتتالية للصراع العسكري، وما يتبعه من عقوبات اقتصادية.
صادرات الملابس إلى روسيا
كان إنتاج المنسوجات الروسي في حالة تدهور خلال السنوات الماضية، مما أدى إلى انخفاض كبير بأكثر من 900% في معدلات التوظيف في هذا القطاع بحلول عام 2020، مقارنة بمستويات عام 2000. وساهمت معدلات الإنتاج المنخفضة في العجز التجاري، مما أدى إلى اعتماد السوق الروسي بشكل كبير على الاستيراد.
ويعد سوق الملابس عنصرا حاسما في تجارة التجزئة الروسية. وقبل هذه الحرب، كان من المتوقع أن يشهد إجمالي إيرادات السوق نموا، حيث يزيد بنحو 30% بحلول عام 2026 مقارنة بمستويات عام 2021.
لذلك تأتي إيطاليا، كأحد أكبر الدول المهددة بتداعيات هذه الحرب والعقوبات على روسيا، في قطاع الأزياء. إذ تحتل إيطاليا المرتبة الأولى بين الدول الأوروبية كمصدر للملابس إلى روسيا، طبقا لموقع “ستاتيستا” Statista.
وخلال أسبوع الموضة في ميلانو -الذي تزامن مع الغزو الروسي لأوكرانيا- أعرب رؤساء بيوت الأزياء العالمية “برادا، أرماني، موسكينو” عن مخاوفهم من تأثير الحرب الروسية الأوكرانية، وتداعيات العقوبات الاقتصادية على موسكو، لأن القوة الشرائية للنخبة الروسية، والتي تمثل المستهلك الأول لهم، ستتأثر سلبا.
وبحسب “يورو نيوز” Euronews أكد رئيس مجلس الأزياء الإيطالي أن أكثر من مليار يورو، من قيمة صادرات الملابس الفاخرة إلى روسيا، قد تكون معرضة للخطر نتيجة الحرب والعقوبات على موسكو.
صناعة الأزياء
في أعقاب الموجة الأولى من العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة عام 2014 على روسيا، بعد غزوها لمنطقة القرم الأوكرانية وضمها، عانى الاقتصاد والمستهلكون الروس وتأثر قطاع الملابس كثيرا.
ومنذ بداية عام 2020، بدأ سوق الملابس يتعافى نوعا ما، وعززت الأزمة المرتبطة بوباء كورونا (COVID-19) مبيعات التجارة الإلكترونية في روسيا، مما أدى إلى نمو تجارة الملابس عبر الإنترنت.
وقد انتعش سوق الأزياء الروسي قليلا عام 2021 لكنه ظل أقل بكثير من مستويات عام 2019، وارتفع التسوق عبر الإنترنت على الرغم من أن الروس يحبون التسوق التقليدي أكثر.
وبعد الحرب، يتوقع خبراء الموضة أن تؤدي العقوبات إلى تأثير سلبي كبير على الاقتصاد وانخفاض مستوى المعيشة، ومن ثم القوة الشرائية للفرد.
وتشير آنا ليبساك-كليمان، الرئيسة التنفيذية لمجموعة فاشن كونسلتنغ غروب ومقرها موسكو، في تصريحات لـ “بيزنس أوف فاشون” Business of fashion، إلى أن العقوبات ستؤدي إلى تأزم الوضع أكثر خاصة أن قطاع الأزياء يواجه بالفعل انخفاضا في ثقة المستهلك بسبب التضخم والوباء وتقلب عملة الروبل الروسية.
صناعة النسيج
وتعد روسيا ثاني أكبر مصدر للنفط الخام. وكنتيجة مباشرة للحرب الحالية، قفز سعر النفط العالمي بشكل كبير.
وبسبب ذلك الارتفاع الهائل، إضافة إلى العقوبات المفروضة على ثاني أكبر مصدر للنفط، يتوقع الدكتور شنغ لو، الأستاذ المساعد لدراسات الموضة والأزياء بجامعة ديلاوير الأميركية أن ألياف النسيج المشتقة من الزيت، مثل البوليستر، يمكن أن تواجه ارتفاعا كبيرا بالأسعار، نظرا لارتفاع تكلفة الألياف الصناعية، ويمكن أن يزداد الطلب على الألياف الطبيعية أيضا، مما يوسع تضخم الأسعار ليشمل الألياف الطبيعية في النهاية، وبالتالي ستزداد تكاليف صناعة الملابس العالمية.
التأثير على قطاع الملابس العالمي لا يأتي فقط من ناحية روسيا لكن من جهة أوكرانيا أيضا، وعلى الرغم من أنها ليست موردا رئيسيا للملابس لسوق الولايات المتحدة، فإنها مهمة لبعض الشركات الأميركية طبقا لـ جوليا هيوز رئيسة رابطة صناعة الأزياء الأميركية.
وتشير هذه المسؤولة الأميركية -في تصريحات لموقع “جاست ستايل” Just-style- إلى أنه خلال عام 2021، استوردت البلاد أكثر من 20 مليون دولار من الملابس من أوكرانيا، مؤكدة أن التأثير السلبي على قطاع الملابس سيمتد خارج روسيا وأوكرانيا إلى السوق العالمي كله.