في عام 2020، خسر النجم العالمي جوني ديب دعوى تشهير في بريطانيا، ضد صحيفة “ذا صن”، بعد نشرها مقال زوجته السابقة الممثلة الأميركية آمبر هيرد، والذي تحدثت فيه عن أنها تعرضت للعنف المنزلي، لكنه وقبل أيام عاد وفاز بقضية التشهير التي رفعها ضد الأخيرة في الولايات المتحدة الأميركية.
وفي بداية محاكمته الأخيرة، أشار العديد من الخبراء القانونيين إلى أن فرصة ديب للفوز أضعف مما كانت عليه في المملكة المتحدة، لأن الولايات المتحدة تتمتع بحماية قوية جدًا لحرية التعبير، كما أن بعضهم أكد أنه من “النادر جدًا” أن تتم المحاكمة في القضية نفسها في مكانين والحصول على نتائج مختلفة، ما جعل السؤال الأبرز: لماذا خسر في بريطانيا، وفاز في الولايات المتحدة؟
يُعتقد أن العامل الرئيسي الذي أثر في انتصار ديب بأميركا كان حقيقة أن محاكمته في الولايات المتحدة كانت أمام هيئة محلفين، أما أثناء محاكمته في المملكة المتحدة، كان أمام قاضٍ فقط، لذا فإنَّ آمبر هيرد خسرت بشكلٍ شامل أمام محكمة الرأي العام وأمام هيئة المحلفين.
كما أن الفرق بين القوانين في البلدين جعل المفارقة تحدث، حيث إن عبء الإثبات في مثل هذه القضايا بالولايات المتحدة يقع على عاتق الشخص الذي قدم دعوى التشهير، لكن في المملكة المتحدة يقع على عاتق المدعى عليه، ما يجعل الأمر أكثر صعوبة.
وفي حالة ديب بالمملكة المتحدة، كان عبء الإثبات يقع على عاتق الصحيفة، لكن في الولايات المتحدة كان على ديب إقناع هيئة المحلفين بأن هيرد لم تشوه سمعته فحسب، بل فعلت ذلك بخبث، أي بعبارة أخرى، في المملكة المتحدة، يتعين على المدعين إثبات أنه تم الإدلاء ببيان كاذب وتشهيري، لكن في الولايات المتحدة عليهم أيضًا إثبات عنصر إضافي من الخبث.
إقرأ أيضاً: قبل 16 عاماً.. كيف توقع «جاك سبارو» فوز جوني ديب في قضيته؟
ولكن ما قلب النتيجة حقاً لصالح ديب في الولايات المتحدة هيئة المحلفين، التي هي على عكس قاضٍ واحد في المملكة المتحدة، حيث استخدم ديب استراتيجية تسمى “إنكار ومهاجمة وعكس الضحية والجاني”، أو “دارفو”، وهو أسلوب دفاع مشترك في محاكمات الاعتداء الجنسي والعنف المنزلي.
وفي هذه الاستراتيجية تُقلب الطاولة على الضحية المزعومة، وتحوّل مسار القضية من “هل ارتكب المتهم إساءة؟” إلى “هل الضحية المزعومة قابلة للتصديق؟”، أي أنهم يهاجمون مصداقية الشخص الذي ينادي بالإساءة، ثم ينقضون دور الضحية والجاني.
ويقول الخبراء القانونيون إن الاستراتيجية “فعالة جدًا ضد هيئات المحلفين”، على عكس “المحامين والقضاة الذين يميلون إلى عدم الانصياع لها”، لأنهم مدربون على النظر في الأدلة، لذا فإنَّ القاضي الذي حكم في القضية ببريطانيا كان مدركاً هذه الاستراتيجية، ورفض الكثير من الأدلة التي لم تتناول بشكل مباشر ما إذا كان السيد ديب قد ارتكب اعتداءً أم لا.
إقرأ أيضاً: المشاهير يهنئون جوني ديب بالفوز.. وتعليقات ساخرة من هنيدي وحمادة هلال
في حين استخدم محامو ديب التكتيك بفاعلية في الولايات المتحدة، وحولوه إلى ضحية، وسمعوا المعتدي التي هي آمبر هيرد.
كما أن هناك عاملاً آخر لعب دوراً في هذه القضية، هو حقيقة أن المحاكمة الأميركية كانت مذاعة تلفزيونياً، ما حوّل القضية إلى “شبه لعبة رياضية”، وشاهد ملايين الأشخاص كل منعطف يدور في المحاكمة، ما جعلها تتصدر وسائل التواصل الاجتماعي، وقد أدى ذلك إلى لفت انتباه الجمهور إلى المحاكمة، وبالتالي أدى التعاطف الكبير مع ديب إلى حسم القضية لصالحه.