رغم انتشار فن التحطيب المصري عبر قنوات ثقافية متعددة وشهرته التي حققها من خلال وجوده الدائم في الاحتفالات، إلا أن ممارسيه يصرون على أنه فن قتالي أصيل مغرق في القدم، ويسعون لتقديمه في نسخ جديدة كفن قتالي حديث، مع أمل بوصوله في النهاية إلى الألعاب الأولمبية.
هذا الفن القتالي الذي يعود تاريخه إلى 5000 عام، ويتمحور حول مبارزة بالعصي، أصبح منذ 15 عاماً الشغل الشاغل لعادل بول بولاد، الفرنسي المصري، الذي أخذ على عاتقه تحديث هذا الفن كمشروع موحِد وثورة ثقافية.
يقول عادل، مدرس فنون القتال البالغ من العمر 69 عامًا، إن الممارسة الحديثة للتحطيب “هي نسخة رياضية محدثة من فن عمره آلاف السنين، يمتد عبر تاريخ مصر بأكمله.
أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونسكو في عام 2016 هذا الفن كـ “تراث ثقافي غير مادي”.
قام عادل المقيم في فرنسا، والذي كان أيضًا وراء ترشيح التحطيب لليونسكو، بإضفاء طابع رسمي على حركات التحطيب المعقدة وقسمها إلى 12 نموذجًا.
يطمح عادل كذلك لرؤية التحطيب مدرجًا في الألعاب الأولمبية في السنوات القادمة باعتباره رياضة قتالية، ويقول إنه منح نفسه سنتين إلى ثلاث سنوات، لإنشاء “مراكز إقليمية” في جميع أنحاء العالم لنشر الرياضة بشكل أكبر، بما في ذلك في كندا وكولومبيا والمجر، حاثاً المصريين على الالتفات إلى هذا الفن قبل أن يصل الأولمبياد على يد فرق غير مصرية.
في التحطيب التقليدي، الذي يحظى بشعبية في المناطق الريفية في جنوب مصر، يقوم رجلان بأداء رقصة باستخدام قضبان تشبه الخيزران، في مواجهة تشبه إلى حد ما المبارزة، ويرافق العرض موسيقيون شعبيون يقرعون الطبول بصوت عال.
في مصر القديمة، نقشت “أسرار القتال” على جدران المعابد والمقابر، لهذا يرتدي المتسابقون زياً مستوحى من المحاربين المصريين القدماء ويحملون عصي خيزران بطول 1.3 متر.
ما يميز النسخة الحديثة من التحطيب عن مثيلتها التقليدية هي فتح باب المشاركة أمام النساء.
في ضاحية الرحاب الشرقية الراقية بالقاهرة، ترحب حديقة ترفيهية بأول المدربين المصريين المتحمسين الذين دربهم عادل. يقول المدرب ناصر الرفاعي، 44 عاما، إن أسلوب القتال المصري الموروث من عهد الفراعنة “كنز يجب الحفاظ عليه” و”مثل أي شكل فني، إذا لم يُمارس، سيُفقد”.
ويلجأ ناصر وزملاؤه إلى وسائل التواصل الاجتماعي لجذب الشباب لهذا الفن القتالي.
يقول ناصر لفرانس برس “لا يتعلق الأمر بالقتال فقط، بل يتعلق باحترام وتغيير نفسك”، مضيفا أن حلمه هو الاعتراف بالتحطيب كرياضة أولمبية.
أما زينب أنور، معلمة المدرسة التي تبلغ من العمر 25 عاماً، فتقول وهي تمسك بالعصا بقوة في أول جلساتها التدريبية إنها ستستمر بالتدريب ولن تتوقف عند تعلم كيفية الإمساك بالعصا، وتضيف: “لم أر أي رياضة يمارسها الرجال بمفردهم ولا يمكن أن تمارسها النساء أو الفتيات، أنا ضد هذه الفكرة تمامًا. لقد تدربت على ممارسة العديد من “الرياضات الرجالية” وأرفض هذه الفكرة تمامًا. لهذا السبب صممت على المجيء إلى هنا، وعلى الرغم من عدم قبول والديّ لحضوري للتدريب، إلا أنني صممت على ذلك”. “.
ويعبر جوبا أيوب محمد، وهو مصمم غرافيك يبلغ من العمر 27 عامًا، عن اهتمامه بالترويج لهذه الرياضة للآخرين من جيله، منوهاً أنه يجب التعامل مع التحطيب كجزء من التاريخ المصري القديم، ويجب أن يعرف المصريون أنه أكثر بكثير من مجرد رقصة شعبية ترقص في الأعراس والمناسبات الثقافية والاحتفالات.