مقتل حارس مستوطنة وفلسطيني في الضفة الغربية بعد يوم من الاشتباكات في القدس

اعتقلت القوات الإسرائيلية السبت فلسطينيين في شمال الضفة الغربية المحتلة، حيث عزّزت انتشارها بحثا عن منفّذي هجوم تبنّته كتائب شهداء الأقصى، قتل خلاله حارس يبلغ من العمر 20 عاما كان متمركزًا عند مدخل مستوطنة أرئيل مساء أمس الجمعة في الضفة الغربية المحتلة، برصاص مهاجمَين لاذا بالفرار في سيارة، ولم تكشف هوية القتيل.

وأطلقت القوات الإسرائيلية عملية بحث عن المهاجمين. ففي شمال الضفة الغربية تم تعزيز الانتشار العسكري الإسرائيلي خصوصا عند مداخل مدينة سلفيت المجاورة لمستوطنة ارئيل، وفق بيان للقوات الإسرائيلية، التي اعتقلت شخصًا في قرية وادي برقين، كما اعتقلت آخر في مخيم بلاطة.

 واليوم السبت أعلنت كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح برئاسة محمود عباس، مسؤوليتها عن الهجوم. وجاء في بيان لها، أن “كتائب شهداء الاقصى القيادة العامة في الأراضي المحتلة تعلن مسؤوليتها الكاملة، عن العملية البطولية في مستوطنة ارئيل قرب سلفيت والتي اودت إلى قتل ضابط صهيوني”.

وأشار البيان إلى أن العملية تأتي ردا على “ما تقوم به حكومة الاحتلال بالقدس من بطش وانتهاك للمقدسات الاسلامية والمسيحية”، في إشارة إلى صدامات بين الشرطة الإسرائيلية وفلسطينيين، أوقعت منذ أسبوعين نحو 300 جريح فلسطيني في باحة الحرم القدسي ومحيطه، في القدس الشرقية التي احتّلتها إسرائيل في العام 1967 وضمّتها لاحقا.

ورحبت حركة حماس بالهجوم الذي وصفته بأنه “عملية بطولية”. وقال الناطق باسم الحركة حازم قاسم في بيان إن هذه العملية “تطبيق عملي لإعلان الشعب الفلسطيني بأن العدوان على المسجد الأقصى المبارك خط أحمر”.

كما شيّع العشرات فلسطينيا قُتل ليل الجمعة السبت خلال مواجهات مع القوات الإسرائيلية في شمال الضفة الغربية المحتلة، حيث قالت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان، إنه عشريني أصيب برصاصة في الصدر خلال عملية للجيش الإسرائيلي في بلدة عزون. وردا على سؤال لوكالة فرانس برس قال المتحدث باسم الجيش إن العملية التي نفّذت في عزون كانت بحثا عن منفذي هجوم أرئيل.

وكانت صدامات جديدة بين متظاهرين فلسطينيين والشرطة الإسرائيلية أدت إلى سقوط 42 جريحاً الجمعة في حرم المسجد الأقصى، الذي يشهد توترات منذ أسابيع، وفق ما أفاد الهلال الأحمر الفلسطيني.

وقال الهلال الأحمر: “42 إصابة خلال مواجهات مع قوات الاحتلال في المسجد الأقصى”، مشيراً إلى أن 22 منهم نقلوا إلى مستشفى محلي. وكانت حصيلة سابقة للمصدر نفسه أفادت بسقوط 12 جريحاً، وأوضح أن معظم الجرحى أُصيبوا “في الجزء العلوي من الجسد ولا توجد أي إصابات خطيرة”. أما الشرطة الإسرائيلية فقالت إنها أوقفت ثلاثة أشخاص، اثنان منهم لرميهما حجارة، والثالث “للتحريض على التظاهر”.

وعاد هدوء هش إلى المكان الذي تجمع فيه حشد المصلين في وقت مبكر من بعد ظهر آخر جمعة من شهر رمضان، الذي يتوقع أن ينتهي مطلع الأسبوع المقبل. وأدى الصلاة نحو 160 الف مصلّ في المسجد في آخر جمعة رمضانية.

وأشار صحافي من وكالة فرانس برس إلى أن المتظاهرين رفعوا الأعلام الفلسطينية ورايات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) هناك.

تصعيد

إلا أن مستوى التوتر لا يزال مرتفعاً في باحة المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، في البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة. 

وفي الأسبوعين الأخيرين، جُرح أكثر من 300 فلسطيني في صدامات مع قوات الأمن الإسرائيلية في باحة المسجد الأقصى، بالتزامن مع شهر رمضان وعيد الفصح لدى اليهود.

يقع المسجد الأقصى في القدس الشرقية التي ضمتها إسرائيل بعدما احتلتها في 1967 مع الضفة الغربية، بالإضافة إلى قطاع غزة والجولان السوري. ويُدير الأردن الأقصى، لكن الدخول إليه يخضع للسيطرة الإسرائيلية. وأثارت اقتحامات الشرطة الإسرائيلية لباحات الأقصى خلال رمضان قلقاً عالمياً.

وأكّد وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد أن الدولة العبرية “ملتزمة” بالمحافظة على الوضع القائم في حرم المسجد الأقصى. ويتهم مسؤولون فلسطينيون وناشطون، إسرائيل بالسعي إلى تقسيم الأقصى إلى قسمين يهودي ومسلم أو تقسيم أوقات الزيارة، كما هي الحال في موقع مقدّس آخر في مدينة الخليل المجاورة، وقد أعربوا عن غضبهم من توغل متكرر لقوات الأمن الإسرائيلية في الحرم القدسي.

الدفاع عن القدس

ومنذ 22 آذار/مارس، قُتل 26 فلسطينيا بينهم ثلاثة مهاجمين خلال مواجهات أو عمليات مختلفة، يضاف إليهم ثلاثة مهاجمين آخرين من العرب في إسرائيل نفذوا هجومين وقعا في كل من بئر السبع (جنوب) والخضيرة (شمال). وفي الجانب الإسرائيلي، قُتل 14 شخصاً في هجمات خلال هذه الفترة بحسب حصيلة لفرانس برس.

في الوقت نفسه، أطلقت فصائل فلسطينية مسلحة صواريخ من قطاع غزة على الأراضي الإسرائيلية، ورد الجيش الإسرائيلي بسلسلة غارات على هذا الجيب المحاصر من قبل الدولة العبرية منذ 2007.

ونظمت حركتا حماس والجهاد الإسلامي القريبة من إيران، مساء الخميس مسيرة في استاد غزة بمناسبة “يوم القدس العالمي” ودعت إلى “الدفاع” عن القدس والمساجد الأقصى وباحاته.

وفي إيران، هتف متظاهرون، وهم يرفعون الأعلام الوطنية، “الموت لأميركا” و”الموت لإسرائيل”، بحسب وكالة الأنباء والتلفزيون الإيرانية “إيريب”. ورفعوا لافتات كتب عليها “القدس لنا” و”يوم القدس هو يوم الإسلام”.

وألقى المرشد الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي خطاباً متلفزاً مباشراً باللغة العربية وجهه إلى الشعب الفلسطيني.

وقال خامنئي: “الجمهورية الإسلامية الإيرانية داعم ومساند لجبهة المقاومةِ، داعم ومساند للمقاومة الفلسطينية… نحن ندين التوجّه الخياني للتطبيع”، وفق ما أوردت وكالة “إرنا” الرسمية.

وانتقد خامنئي الغرب الداعم لأوكرانيا ضد الغزو الروسي وموقفه في المقابل من القضية الفلسطينية، وقال في هذا الصدد “يملأون الأجواء بالضجيج تجاه قضية أوكرانيا، تَراهُم قد خُتِمَ على أفواههم تجاه كلّ هذه الجرائم في فلسطين”.

وشكرت حماس من جهتها، في بيان، “الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تقف مع القدس والمسجد الأقصى المبارك، وتدعم الشعب الفلسطيني المقاوم وتنصره بكل الوسائل”.

ويوم القدس العالمي أطلقته إيران في أعقاب الثورة الإسلامية عام 1979، وتحتفي به في آخر يوم جمعة من رمضان على أنه “يوم الدفاع” السنوي عن القدس.

وقد ألقى قائد الحرس الثوري الايراني الجنرال حسين سلامي كلمة له عبر الفيديو أمام المسيرة في غزة، أكد فيها أن “دولة إسرائيل ستهزم”. وتثير المواجهات الحالية في باحة المسجد الأقصى مخاوف من اندلاع نزاع مسلّح جديد، مماثل للحرب الدامية التي استمرت 11 يوماً بين حركة حماس والجيش الإسرائيلي في أيار/مايو 2021، بعد اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية وفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة، أدت إلى سقوط مئات الجرحى من الفلسطينيين.

Exit mobile version