4/5/2022–|آخر تحديث: 4/5/202210:23 PM (مكة المكرمة)
كانت هوليود ذات يوم حصنًا للإبداع والتعبير الفني ورواية القصص، إلا أنها أصبحت الآن حكرًا على حفنة من الاستوديوهات التي تتجنب المخاطرة. ولا تعد خدمات البث أفضل حالًا، فرغم تقديمها محتوى متنوعا في البداية، فإنها تدار الآن من طرف مسؤولين تنفيذيين في مجال التكنولوجيا لا يفهمون سوى البيانات، وليس الفن.
وفي تقرير نشرته مجلة “نيوزويك” (Newsweek) الأميركية، يقول الكاتب بول جُن إن جائحة كوفيد-19 ضربت هوليود بشدة، إذ تراجعت عائدات دور السينما في الولايات المتحدة من 42.3 مليار دولار عام 2019 إلى 12 مليار دولار فقط عام 2020.
وقد أسهمت ظروف الوباء في ازدهار البث المباشر، وتقليص مدة العرض الحصري للأفلام فيدور السينما، والبث المتزامن لأول مرة، والتراجع العام للعروض المسرحية.
أفلام وحبكات سطحية
وذكر الكاتب أن مديري الاستوديوهات اليوم هم رجال أعمال وليسوا مبدعين، ويقوم عملهم على تقليص المخاطر وعادة ما يكونون غير مستعدين لدعم أي مشروع غير مضمون. وبالنسبة لهم، الانتحار الوظيفي لا يعني خسارة المال فحسب، بل يعني الفشل في جني المال الكافي أيضًا.
ووحدها المشاريع التي تحظى بأكبر قدر ممكن من الجاذبية في السوق هي التي تحصل على الضوء الأخضر. وينتج عن ذلك العديد من الأفلام السطحية بشخصيات وحبكة سطحية.
وحسب التقرير، فإن صُنّاع الأفلام الأصليين والمستقلين عالقون اليوم بين هوليود التي تتجنب المخاطر، وخدمات البث المباشر التي يقودها كبار المسؤولين التنفيذيين في مجال التكنولوجيا.
انتعشت صناعة الأفلام المستقلة منذ أن أصبحت في متناول الجميع، وحين صار بإمكان صانعي الأفلام المحتملين تصوير أفلامهم باستخدام هواتفهم الذكية وبميزانية منخفضة.
وبما أن وسائل الترفيه والإعلام أصبحت صناعة متنامية وبدأت الأسواق التقليدية لشركات مثل “أمازون” (Amazon) و”فيسبوك” (Facebook) و”آبل” (Apple) تبلغ درجة التشبّع، انتقلت هذه الشركات إلى صناعة الترفيه بشكل كبير.
أضافت “نتفليكس” (Netflix)، على سبيل المثال، أكثر من 36 مليون مشترك جديد عام 2020 لتتجاوز بذلك قاعدتها 200 مليون مشترك حول العالم. ويعد شراء أمازون لشركة “إم جي إم” (MGM) أحدث مثال على عملية الاستحواذ التي تجري الآن بالكامل في هذا المجال.
ولا شك أن احتكار شركات التكنولوجيا الكبرى لصناعة الترفيه خبر سيئ بالنسبة لنا جميعًا وتطور مقلق، لأن دمج الفنون في الولايات المتحدة سيؤدي بشكل أساسي إلى تآكل جودة الإنتاج الثقافي المتاح.
وأشار الكاتب إلى أن كبار المسؤولين التنفيذيين في مجال التكنولوجيا نادرًا ما يتمتعون بأي خبرة فنية، مما يعني أنهم ليسوا مؤهلين ليحددوا القصص التي سوف نسمعها ونشاهدها. لقد اخترق عمالقة التكنولوجيا صناعة السينما وهم يطبقون الخوارزميات لمعرفة المحتوى المطلوب وترويجه لنا.
وعندما نرى عملًا مصنفًا في المرتبة الأولى، فإننا نفترض أنه جيد ومن المرجح أن نشاهده. من خلال القيام بذلك، نرسخ وجهة نظر هذه الشركات بشأن إنتاج المزيد من المحتوى من النوع نفسه والترويج له، وهكذا تستمر الدورة.
ونبّه الكاتب إلى أن هذا النمط لا يترك مجالًا لظهور القصص التي لا تتناسب مع تلك الخوارزميات، وبالتالي تتأثر الجودة. وقد لاحظ باري ديلر، الذي كان رئيسًا ومديرًا تنفيذيًا لاثنين من استوديوهات هوليود، أن “خدمات البث تصنع محتوى يسمونه أفلامًا ولكنها في حقيقة الأمر ليست كذلك. إنها عملية حسابية غريبة خلقت محتوى يدوم 100 دقيقة أو نحو ذلك”.
وشدد الكاتب على ضرورة إدراك حقيقة أن هوليود لم تعد مركز صناعة السينما، وأن القصص التي تستحق المشاهدة لا تبدأ وتنتهي في قوائم أفضل الأعمال التي تعرضها خدمات البث الشهيرة.
وحسب الكاتب، علينا أن نتذكر أننا جميعًا مختلفون ولهذا السبب يجب أن يكون سرد القصص مختلفًا. نحتاج إلى البحث عن القصص التي تتحدانا، أو تلهمنا، أو تحركنا، أو تعلمنا، ونحن بحاجة للاحتفال بالتنوع في سرد القصص.