هل انتهى عصر الدبابات؟.. تكنولوجيا الأسلحة الخفيفة توقف تقدم الدب الروسي في أوكرانيا
ملأت صور “الدبابات” الروسية المدمرة والقوافل المحطمة في أوكرانيا مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأسابيع الأخيرة، لكن هل هذه الصور تمثل اتجاهًا أكبر أم مجرد حوادث منعزلة؟
وفقًا لبعض التقارير، مثل التقرير الذي نشره موقع “إنسايدر” (Insider)، فإن روسيا بالتأكيد خسرت دبابات ومعدات أخرى استولى عليها أو دمرها الأوكرانيون، وتقدر المنظمة الإخبارية أن 10% من المعدات العسكرية الروسية قد دُمرت. لكن هذا قد لا يكون دقيقا.
ويبدو أن معظم هذه الخسائر ناتجة عن صواريخ “جافلين” أو “إف جي إم-148” (FGM-148) القادمة من الغرب والأسلحة الخفيفة المضادة للدبابات من الجيل التالي المسماة “إن إل إيه دبليو” (NLAW)، والتي تم تصميمها خصيصًا بوصفها أسلحة مضادة للدبابات. لذا، لا ينبغي أن تكون الخسائر الروسية مفاجئة.
هل هذه نهاية عصر الدبابات؟
يزعم بعض الخبراء أننا ربما نشهد نهاية الدبابات بوصفها سلاحا عسكريا فعالا. ويدعي البعض أنه قد يتم حفظ الدبابة قريبًا في المتاحف جنبًا إلى جنب مع العربة وسلاح الفرسان.
تتمثل إحدى المشكلات الرئيسية في التمييز بين ما هي الدبابة “الحقيقية” والمركبات العسكرية الأخرى “الشبيهة بالدبابات”. في حين أن تعريف الدبابة قد تغيّر بمرور الوقت، إذ إن المصطلح اليوم يشير عمومًا إلى ما يُعرف بدبابات القتال الرئيسية.
غالبًا ما يتم تصنيف المركبات المدرعة الأخرى، مثل ناقلات الجند المدرعة والمدفعية ذاتية الدفع وغيرها من وسائل نقل المشاة الآلية، على أنها دبابات في التقارير الإخبارية، وإن كان لا ينبغي أن تكون كذلك من الناحية الفنية.
يقسم موقع “أوريكس” (Oryx) المعني بتسجيل الخسائر في الحروب، خسائر المركبات الروسية حسب الفئة الفنية، مما يسهل كثيرًا قياس مدى الخسائر الروسية.
وفقًا لأوريكس، خسرت روسيا في مكان ما في أوكرانيا 279 دبابة، تم تدمير 116 منها، وتضررت 4، و41 مهجورة. واستولت القوات الأوكرانية على حوالي 118. قد يبدو هذا الرقم كبيرا، لكن الاتحاد الروسي لديه 12 ألفا و240 دبابة قتال.
ومع ذلك، فإن معظم هذه الدبابات الـ12 ألفا و240 عبارة عن تصميمات قديمة تعود إلى الحقبة السوفياتية، مثل “تي-72” (T-72)، التي يزيد عمرها عن 50 عامًا.
لماذا تخسر روسيا الكثير من الدبابات في أوكرانيا؟
كما أشار العديد من الخبراء العسكريين، يبدو أن المشكلة الرئيسية تتمثل في عدم قدرة روسيا على توفير الأجهزة والحفاظ على مخزونها منها بشكل مناسب. حتى الآن، فإن معظم المركبات القتالية التي رأيناها أثناء العمل لا تتم صيانتها بشكل جيد، ويبدو أن خطوط الإمداد أوشكت أن تصل إلى نقطة الانهيار.
ليس هذا فقط، ولكن يبدو أن الوحدات الكبيرة مثل الدبابات تُركت مكشوفة من دون دعم المشاة أو الدعم الجوي، وهي نقطة حرجة لأسلحة الحرب القوية هذه.
وهناك عامل تنظيم العدو، فالولايات المتحدة، على سبيل المثال، فقدت بعض دباباتها الأكثر تقدمًا خلال معركة “قمة المدينة” (Medina Ridge)، وهي من أطول معارك الدبابات في العصر الحديث والتي وقعت يوم 27 فبراير/شباط 1991 خلال حرب الخليج الثانية بين الفرقة المدرعة الأولى الأميركية واللواء الثاني للحرس الجمهوري العراقي، وكان ذلك بسبب التنظيم المحكم للقوات العراقية عبر خطوطها.
التكنولوجيا الخفيفة تقضي على الدبابات
كل هذه الفرضيات قد تكون هي السبب في خسارة الروس العديد من الدبابات القتالية، ولكن الفرضية التي يرى الخبراء أنها تحمل الإجابة عن هذا التساؤل هي التقدم التقني في مجال الأسلحة المضادة للدبابات.
فالصواريخ الحديثة المضادة للدبابات والطائرات المسيرة لهما تأثير كبير على حسم المعارك الحالية. وقد أثار استخدام الطائرات المسيرة اهتمام المحللين العسكريين في الصراع في أوكرانيا.
تم استخدام الطائرات المسيرة التركية مثل “تي بي 2” (TB2) بشكل ممتاز من قبل القوات الأوكرانية، حيث يمكن أن تهاجم هذه المسيرات الدبابات مباشرة أو تستخدم للمراقبة.
وقال الضابط السابق في الجيش الأميركي بول شار، لموقع إنسايدر، “نرى في الواقع تأثيرا كبيرا لاستخدام الجيش الأوكراني طائرات بيرقدار المسيرة، وطائرات أخرى أصغر، ضد المركبات المدرعة الروسية.. يمكن أن تكون الطائرات المسيرة فعالة للغاية في الأجواء المتنازع عليها، ويرجع ذلك جزئيًا إلى قدرتها على التحليق على ارتفاع منخفض، وفي جزء آخر لأنك لا تخاطر بطيار”.
وأرسلت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن 100 طائرة من دون طيار من طراز “سويتشبلاد” (Switchblade) إلى أوكرانيا، وهي مركبة جوية تستخدم مرة واحدة بحجم حقيبة ظهر، ويمكنها إخراج المركبات المدرعة من المعركة عن طريق التحليق فوقها والاصطدام المباشر بها لتفجيرها بأسلوب “الكامي كاز”.
أما السلاح التقني الآخر الذي يتوقع المحللون أنه ساعد القوات الأوكرانية على وقف أرتال الدبابات الروسية من اجتياح كييف هو “نكست جينيراشن لايت أنتي- تانك” (Next Generation Light Anti-tank) المعروفة اختصارا بـ”إن إل إيه دبليو” (NLAW).
إن هذا السلاح البريطاني ذي التصميم السويدي، هو الجيل القادم من الأسلحة الخفيفة المضادة للدبابات، وهو سهل الاستخدام نسبيا. إذ إنه خفيف الوزن ويمكن حمله على الكتف، ويقوم المشغل بتتبع هدف في نطاق نصف ميل لبضع ثوانٍ ثم يطلق النار. ويتولى نظام تقني توجيه الصاروخ نحو الهدف.
وقد تم تصميم “إن إل إيه دبليو” بالضبط للحروب داخل المدن كما هي الحال في أوكرانيا.
وتعلن شركة تصنيع الأسلحة “ساب” (SAAB) على موقعها الإلكتروني “يمكن لإن إل إيه دبليو الهجوم من أي موقع تقريبًا، من أعلى مبنى إلى خلف شجرة أو في حفرة”، وأضافت “يمكنك إطلاق النار بزاوية 45 درجة، ويمكن إطلاق النار من داخل مبنى أو من الطابق السفلي أو من الطابق الثاني من مبنى خارج نطاق معظم الدبابات”.