انقلابٌ ينفذه مرتزقة أوروبيون، برعاية رجل أعمال بريطاني، في جمهورية زنجارو الأفريقية المُتخيلة للاستحواذ على ثرواتها الطبيعية، وآخر يشترك فيه جنرالان، إيراني وأمريكي، على ملالي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وثالثٌ ضد الحكومة الأمريكية يحوِّلها إلى «الولايات المتحدة الآمنة الأمريكية»، ورابع ضد المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي لمنعها من استخدام أسلحة نووية تكتيكية في الحرب العالمية الثالثة.
كل ما سبق، علاوة على انقلاب في بريطانيا ينظمه بارونات الإعلام ورجال المخابرات، لإسقاط حكومة زعيم حزب العمل، ثم ثورات وانقلابات متتالية في جمهورية ساكرامنتو الكاريبية الخيالية، وفوضى تشعل الانقلاب في كوريا الجنوبية، وثورة طلابية على المكتب السياسي الصيني، بتحريض من وكالة الاستخبارات الأمريكية، وأخرى ضد الأمير علي يوسف، حاكم مملكة رامات الثرية الخيالية في الشرق الأوسط؛ هي انقلابات وثورات تخيُّلية نسجها الأدباء في 10 روايات، لتسليط الضوء على الفرص السانحة لبعض الشعوب، وسرد الآثار الجانبية المتوقعة لها، بحسب وجهة نظر كاتبيها.
1. «كلاب الحرب»: انقلاب المرتزقة في زنجارو للاستحواذ على ثرواتها الطبيعية
في رواية «كلاب الحرب» الصادرة عام 1974، نرى كيف كان اكتشاف البلاتين في جمهورية زنجارو الأفريقية (جمهورية مُتخيلة) وبالًا عليها؛ لأن رجل الأعمال البريطاني جيمس مانسون استأجر مجموعة من الجنود المرتزقة الأوروبيين لإسقاط الحكومة في الجمهورية الصغيرة.
كان هذا الاكتشاف الذي تقدر قيمته بمليارات الدولارات جديرًا بتحويل حياة مواطني زنجارو للأفضل، لكن هناك أمور أكثر أهمية الآن تشغل بال المكتشف مانسون، مثل تجنيد الجنود، والتدريب، والاستطلاع، والتسليح، والخدمات اللوجستية الأخرى، للإطاحة بالحكومة الموجودة حاليًا في السلطة وتنصيب نظام عميل بدلًا منها.
2. «القوة الضاربة»: انقلاب على الملالي وإعلان «جمهورية فارس الديمقراطية»
في رواية «القوة الضاربة» الصادرة عام 2007، يحكي ديل براون، كابتن سابق في سلاح الجو الأمريكي، ما حدث حين تعرض قائد الحرس الثوري الإيراني، هيزاراك ألكان بوزازي، للازدراء بسبب إخفاقاته السابقة، وفقد دعم زملائه في الجيش النظامي.
لم يجد الجنرال الإيراني بُدًا سوى اللجوء إلى خصمه القديم في سلاح الجو الأمريكي الجنرال باتريك مكلانهان، لدعمه في تنفيذ انقلاب ضد النظام الإيراني.
رغم أن ماكلانهان يجد نفسه في خضم معارك أكثر مرارة داخل البيت الأبيض، بين داعمي مبادرته العسكرية الفضائية ومن يعملون سرًا لتقويضها، فإنه ينجح في «تغيير مجرى التاريخ في الشرق الأوسط لعدة أجيال». ويُتَوَّج الانقلاب بتغيير اسم البلاد من: الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إلى: جمهورية فارس الديمقراطية.
3. «الولايات المتحدة الآمنة الأمريكية»: دولة بوليسية يحكمها الجنرالات
دون سابق إنذار، ووسط تعتيم إعلامي، يطيح انقلاب عسكري حكومة الولايات المتحدة والرئيس باتريك كوداهي في عام 1996، حسب رواية «الولايات المتحدة الآمنة الأمريكية» التي نسجها خيال المؤلف توم دي هافن، تنتقل مقاليد الأمور إلى الجنرال سوشوك ومجموعة من الضباط العسكريين رفيعي المستوى، وينتهي المطاف بالرئيس أسيرًا داخل مزرعة في ولاية أوريغون بالقرب من نيفادا.
بمجرد أن تصبح البلاد في قبضة الجنرالات، يجدر تغيير اسمها لتعكس الوضع الجديد فتصبح: الولايات المتحدة الآمنة الأمريكية. لكن هل تصلح التغييرات الشكلية ما أفسده الجنرالات على أرض الواقع؟
قطعًا لا، إذ أصبحت الولايات دولة بوليسية بين عشية وضحاها مهما تظاهر حكامها بغير ذلك. ومن رحم هذه التحديات، تولد مجموعة «شجاعة من المقاتلين للدفاع عن الحرية الأمريكية».
4. «هبوب العاصفة الحمراء»: انقلاب على المكتب السياسي السوفيتي
يُفكّر المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي في استخدام أسلحة نووية تكتيكية، أثناء الحرب العالمية الثالثة، التي يتخيل المؤلف توم كلانسي نشوبها في منتصف الثمانينيات، لكن الجنرال بافيل أليكسييف يدرك خطورة هذا الفعل، فيتعاون مع رئيس الاستخبارات السوفيتية (كي جي بي) ووزير الطاقة ميخائيل إدواردوفيتش سيرجيتوف، وينفذون انقلابًا ناجحًا ضد المكتب السياسي، كما ترسمه رواية «هبوب العاصفة الحمراء» الصادرة في عام 1983.
تنتقل السلطة بعد الانقلاب إلى ترويكا تضم: سيرجيتوف، ووزير الزراعة ف م. كريلوف، وعضو المكتب السياسي المخضرم بيوتر برومكوفسكي (أحد قدامى المحاربين في الحرب العالمية الثانية).
5. «الدب والتنين»: ثورة طلابية على المكتب السياسي الصيني
بعد إقناع الرئيس الأمريكي حلف الناتو بقبول روسيا، وتعهده لموسكو بتقديم المساعدة ضد الصين، يستطيع الحليفان الجديدان دحر الغزو الصيني لسيبيريا، وتكبيد بكين خسائر فادحة، ما يدفع القادة الصينيين اليائسين إلى التفكير في إطلاق أسلحة نووية ضد البلدين.
بمجرد أن يستوعب الطلاب الصينيون ما يحدث، بعد مشاهدة فيديو بثته وكالة الاستخبارات الأمريكية عبر موقعها على الإنترنت، يخرجون في مسيرة عبر ميدان تيانانمن، ويقتحمون اجتماعًا للمكتب السياسي الصيني، ويمهدون الطريق للإطاحة بالحكومة.
حين يمسك فانج جان، العضو الإصلاحي في المكتب السياسي، بمقاليد الأمور، ويعتقل القادة الشيوعيين الذين كانوا يخططون للغزو العسكري، يأمر بانسحاب فوري للقوات الصينية من سيبيريا، ثم يعقد نقاشًا مفتوحًا مع القيادات الطلابية لإطلاق شرارة انتقال الصين إلى الديمقراطية، حسبما يحكي توم كلانسي في رواية «الدب والتنين» الصادرة عام 2000.
6. «انقلاب بريطاني للغاية»: التآمر لإسقاط زعيم حزب العمل
بعدما استطاع هاري بيركنز، زعيم حزب العمل البريطانيّ، اجتياز كل الصعاب وأصبح رئيسًا للحكومة؛ فإنه يشرع في تفكيك احتكارات وسائل الإعلام وتأميم الصناعة وإعلان الحياد العسكري والانسحاب من حلف شمال الأطلسي (الناتو) ونزع السلاح النووي من جانب واحد، واتخاذ خطوات جذرية نحو شفافية الحكومة.
بطبيعة الحال، أثارت هذه الخطوات الجريئة سخط كثيرين في وسائل الإعلام والخدمات المالية وأجهزة الاستخبارات، فقرر بارونات الإعلام ورجال المخابرات، التوحد لوقف بيركنز بأي ثمن. فينفذون «انقلابًا بريطانيًا للغاية» وهو اسم الرواية التي ألفها كريس مولين في عام 1982.
في نهاية المطاف، ينجح انقلاب «قوى الظلام» في إسقاط الحكومة، بعد مؤامرات حثيثة شملت، إطلاق وسائل الإعلام أبواقها لانتقاد الحكومة، وتواطؤ الدولة السرية لضمان عدم حدوث تغييرات جدية في النظام الاجتماعي، وتنظيم أجهزة الاستخبارات إضرابًا في قطاع الطاقة.
7. «السيد السفير»: ثورات وانقلابات في جمهورية ساكرامنتو الكاريبية
حين قامت الثورة الليبرالية الأولى ضد الحكومة الديمقراطية الفاسدة، في جمهورية ساكرامنتو الكاريبية الخيالية، بقيادة أنطونيو شامورو، سرعان ما أصبح قائد الثوار شخصيًا ديكتاتورًا حين تولى مقاليد الأمور وأصبحت زوجته قائدًا حقيقيًا، حتى حين قامت الثورة الليبرالية الثانية ضد ديكتاتورية أنطونيو شامورو، بقيادة يوفنتينو كاريرا وغابرييل هليودورو، أصيب كاريرا بعدوى الدكتاتورية عندما جلس على كرسي سلفه.
وحين شكل د. جوليو مورينو حكومة يسارية منتخبة ديمقراطيًّا، قاد الرئيس السابق يوفنتينو كاريرا انقلابًا أطاح الحكومة لإعادة تنصيبه ديكتاتورًا. وفي عام 1959، تقوم ثورة اشتراكية ضد دكتاتورية يوفنتينو كاريرا في جمهورية ساكرامنتو، بقيادة مانويل باريوس، تتمخض عن حكومة شيوعية.
ثورات وانقلابات يحكي المؤلف إيريكو فيريسيمو قصتها في روايته «السيد السفير» الصادرة عام 1965.
8. «العنقاء الحمراء»: الفوضى وقود الانقلاب في كوريا الجنوبية
يشعل العملاء الأجانب نيران الشغب في كوريا الجنوبية، حسبما يتخيل المؤلف لاري بوند في روايته «العنقاء الحمراء» الصادرة عام 1978.
اغتنامًا للفرصة، شنت كوريا الشمالية غزوًا كاسحًا، بدعم سوفييتي قوي، يهدف إلى توحيد الشمال والجنوب تحت الحكم الشيوعي. وبذلك تبدأ الحرب الكورية الثانية، وقد يكون إعصار الحرب العالمية الثالثة على وشك الهبوب.
مستفيدًا من الاضطرابات الناجمة عن العقوبات الاقتصادية الأمريكية ضد حكومة سيول، وفي ظل عدم الاستقرار السياسي في البلاد، يخطط الجنرال تشانغ جاي كيو، القائد المارق في جيش كوريا الجنوبية، لانقلاب باستخدام فرقة مشاة واحدة متمركزة بالقرب من المنطقة المجردة من السلاح للاستيلاء على سيول. في الوقت ذاته يقوم أحد شركائه، وهو جنرال في قيادة أمن الدفاع، بالقبض على رؤسائه بتهمة التخطيط لانقلاب.
لكن قناصًا يقتل تشانغ قبل أن يتمكن من حشد المزيد من الجنود لتنفيذ مخططه، ويُقضى على قوة الانقلاب. تؤدي تداعيات الحادث إلى مزيد من زعزعة استقرار الجيش الكوري الجنوبي، باعتقال مئات المتآمرين المشتبه في علاقتهم بالانقلاب، لكنهم يعودون إلى العمل في نهاية المطاف لمواجهة الغزو الكوري الشمالي بعد ثلاثة أسابيع تقريبًا.
قرب نهاية الرواية، كانت عناصر من الجيش الكوري الشمالي غير راضية عن اعتقال كيم جونغ إيل، وطلبت المساعدة من الصين لتسهيل وقف إطلاق النار. هذا يعني ضمنيًّا أن الثوار الكوريين الشماليين قتلوا كيم.
9. «مزرعة الحيوان»: انهيار مبادئ الثورة أمام إغراءات السلطة
جذوة الثورة تنضج تدريجيًّا داخل مزرعة مانور الواقعة بالقرب من ويلينجدون بسبب إهمال مديرها المزارع جونز السكِّير. نعم، هذه «مزرعة الحيوان» التي أبدعها جورج أورويل في عام 1945.
تشتعل شرارة الحرية في اجتماعٍ ينظمه الخنزير للإطاحة بالبشر على وقع الأغنية الثورية «وحوش إنجلترا». بعد موت الخنزير الكبير، يتولى خنزيران صغيران القيادة لبدء التمرد وطرد السيد جونز من المزرعة وتغيير اسم المزرعة إلى «مزرعة الحيوان».
يتفق الثوار على سبعة مبادئ رئيسية يجب على الجميع الالتزام بها، لكن حين يطول الأمد ويصبح الثوار القدامى إما موتى أو عجائز، ويتوفى السيد جونز نفسه بعد أن تخلى عن استعادة مزرعته، تبدأ الخنازير في التشبه بالبشر والانقلاب على كل مبادئ الثورة، حتى يصبح من الصعب التفريق بين حكام الثورة والأعداء البشريين.
10. «قطة بين الحمام»: فشل الثورة في استرداد ثروة الأمير علي يوسف
الحبكة الرئيسية للحكاية التي ترويها أجاثا كريستي في «قطة بين الحمام» الصادرة عام 1959، تدور حول لغزٍ يتصدى له المحقق هيركيول بوارو كالعادة، لكن الرواية تستهل بالإشارة إلى الثورة التي قامت ضد الأمير علي يوسف، حاكم مملكة رامات الثرية الخيالية في الشرق الأوسط.
حين تدلهم الخطوب، يعهد الأمير إلى طيَّاره روب رولينسون بتهريب ثروة من المجوهرات خارج البلاد، فيدسها الأخير في حقائب أخته، جوان ساتكليف، وابنتها جنيفر. ثم تنتقل الأحداث إلى مدرسة خاصة للبنات، حيث تدور أحداث غير سارة.
بعد موت الأمير علي يوسف في حادث، وحل الألغاز الدموية التي نسجتها كريستي، يسلّم المحقق بوارو الأحجار الكريمة إلى امرأةٍ إنجليزيةٍ كانت متزوجة سرًا من الأمير الراحل عندما كان طالبًا.
فقر الخيال السياسي في العالم العربي
أحد «العناصر الخفية» التي ساهمت في تردي أحوال العالم العربي، هو: «فقر الخيال السياسي». صحيح أن الفجوة التي تتسع بيننا وبين الغرب ترجع في أحد جوانبها إلى التخلف التقني، لكنها أيضًا مرتبطة في بعض جوانبها بالخيال السياسي أيضًا؛ كما يشرح الباحث عمار علي حسن في كتابه «الخيال السياسي».
وأهم ما يعوق الخيال السياسي في المجتمعات العربية، وفقًا للمؤلف، هو: «الاستسلام للواقع، وبلادة صناع القرار، والتحكم البيروقراطي، ونقص المعلومات، والجهل بالتاريخ، وتقديس الموروث، والتفكير بالتمني، وسطوة الأيديولوجيا».