مسلسل “لوبان” الفرنسي يحطم الأرقام القياسية على “نتفليكس”
بقلم: يورونيوز مع أ ف ب
يحطم مسلسل “لوبان” الفرنسي الأرقام القياسية على “نتفليكس”، بعد نجاح مشابه حققه “لا كاسا دي بابيل” الإسباني، في تجسيد لنهاية الهيمنة الأمريكية على الإنتاجات التلفزيونية، في منحى مدفوع بالطموح الكبير للممثلين الأوروبيين والأمريكيين اللاتينيين والكوريين.
وتدور قصة المسلسل حول شخصية أرسين لوبان بطل رواية فرنسية مشهورة كتبها موريس لوبان عام 1970 حول لص يسرق مجوهرات من الأغنياء. ويؤدي الدور عمر سي. كما يشكل متحف اللوفر نقطة جذب للمشاهدين، لكن نجاح العمل بحسب باسكال بروتون، مؤسس شركة “فيديرشن إنترتاينمنت” مرده أيضا إلى أسلوب الإخراج. ويشير بروتون إلى أن العمل “يشبه قليلا أفلام لوك بيسون، وهو المخرج الوحيد في السينما الفرنسية الذي فهم السوق العالمية”. كما يعمل كثير من معاوني بيسون خلف الكاميرا في مسلسل “لوبان”.
ويقول بروتون، مؤسس شركة “فيديرشن إنترتاينمنت”: “قبل عشر سنوات، 90 % من الانتاجات كان مصدرها الولايات المتحدة. كان ثمة إنتاجات إبداعية صغيرة لكنها لم تكن تصدّر إلى الخارج”. غير أن تضافر عوامل غير مسبوقة غيّر المعادلة.
فقد ساهم ازدياد سرعة الإنترنت وتصاعد نفوذ خدمات التلفزيون على الطلب والنموذج الذي قدّمته القنوات الأمريكية المدفوعة، وعلى رأسها “إتش بي أو”، في دفع نظرائهم في الخارج على التعويل على المسلسلات، بعد المراهنة خصوصا على السينما والرياضة.
وشكّلت مسلسلات من إنتاج قناة “كانال +” المشفرة، بينها “كارلوس” و”براكو”، خطوة أولى في هذا التحول، قبل أن تحذو قنوات عامة حذوها، مع ظاهرة “بورغن” في الدنمارك و”شيرلوك” في بريطانيا، اللذين عُرضا في 2010.
ويوضح لوكا بارا، الأستاذ في جامعة بولونيا الإيطالية وهو أحد معدّي دراسة عن المسلسلات التلفزيونية في أوروبا “لست متأكدا أن ذلك كان نيتهم في الأساس، غير أن المنتجين لاحظوا أن ما يقومون به لا يتيح لهم فقط التمايز في السوق المحلية بل إن ذلك يهمّ أيضا أسواقا أخرى”.
ويشير إلى أن هذا “التغيير في العقلية” ساعد أيضا في تطوير بنى إنتاجية عابرة للحدود، خصوصا في أوروبا، لمواجهة التنامي المطرد في ميزانية الإنتاجات.
وبالموازاة، ولّد تكاثر القنوات والمنصات شهية كبيرة على المحتويات غير المستهلكة التي غيّرت مفهوم النجاح. ويوضح لوكا بارا “ثمة برامج كثيرة والجمهور مشتت بدرجة كبيرة ما يتيح تسويق إنتاجات لم تكن تحظى بجمهور سابقا”.
كذلك لعب بروز منصات عالمية، خصوصا “نتفليكس” وأيضا “أمازون” و”ديزني +” أخيرا، دورا رئيسا في هذا المنحى. وإضافة إلى الميزانيات الكبيرة، لجأت “نتفليكس” إلى ترجمة كل الأعمال على منصتها إضافة إلى دبلجة الكثير منها، ما أتاح لمسلسل ناطق بغير الإنجليزية مثل “لوبان” التربع على صدارة المسلسلات الأكثر مشاهدة على المنصة في العالم أياما عدة.
“إعادة توازن الانتاجات التلفزيونية”
أنتجت المنصات الأمريكية أعمالا محلية في بلدان عدة، ولتوسيع قاعدتها في الخارج، بالاعتماد على شركات إنتاج قائمة أساسا في الأسواق المستهدفة. وفي كوريا الجنوبية، وأخيرا في أوروبا، تلزم القوانين خدمات الفيديو الإلكترونية على المساهمة ماليا في قطاع المرئي والمسموع في البلاد.
وفي هذا المشهد الجديد للإنتاج التلفزيوني، يبقى الأمريكيون “أقوياء جدا”، على ما يقر باسكال بروتون، لكن ثمة “إعادة توازن حقيقية” و”المنحى آخذ في التسارع”.
ويوضح جوناثان غراي، الأستاذ في جامعة ويسكنسن أن شركات الإنتاج غير الأمريكية دخلت أيضا على خط كتابة الإنتاجات القابلة للتصدير، وصولا إلى الولايات المتحدة.
ويقول “أذواق الأميركيين معروفة بمحدوديتها على صعيد التلفزيون”، غير أن الإنتاجات الأجنبية باتت تدرك كيف ترضيهم “من خلال دفعها بعيدا في بعض الأحيان لكن مع الحفاظ على بصمتها المعروفة”.
وعلى غرار ما حصل مع بعض الإنتاجات البريطانية، تتركز الخيارات بشكل متزايد على “مواضيع وأساليب سردية ذات طابع دولي أكبر بكثير”، وفق باسكال بروتون. ويوضح بروتون: “فرساي أو سان تروبيه من المواضيع العالمية المثيرة للاهتمام” لدى المشاهدين في العالم، كما حصل في مسلسل المافيا الإيطالية (“غومورا”) وآخر عن تجار المخدرات الكولومبيين (“ناركوس”).