العمل: كيف ساعد البكاء رائدة أعمال شابة في تحقيق النجاح؟
رائدة الأعمال تينا تشين تشرح كيف تمكنت من الصمود والعمل بمفردها، وكيف نجحت في تأسيس عمل تجاري في بلد جديد بالنسبة لها.
تصف تينا تشين، البالغة من العمر 28 عاماً، نفسها بأنها “رائدة أعمال تعمل بمفردها”، وهي مؤسسة شركة “هيوماني تي” التي تنتج مجموعة من مشروبات الشاي بالحليب النباتي.
أطلقت تينا شركتها في لندن في ديسمبر/كانون الأول 2018، ونمت أعمال الشركة بشكل مطرد حتى بعد انتشار الوباء. وقد بدأت مؤخرا في إنتاج كميات كبيرة من منتجها بعد حملة تمويل جماعي ناجحة، وباعت أكثر من 5000 عبوة من مشروباتها.
وفي هذا العام، وظفت تينا لأول مرة شخصين في شركتها، وذلك من خلال خطة “كيكستار” التي وضعتها الحكومة البريطانية لمساعدة الشباب على دخول سوق العمل.
لكن مسيرتها في ريادة الأعمال لم تكن سهلة، وعانت من التعب والإرهاق الشديدين، وتحذر من أن الأمور يمكن أن تكون صعبة للغاية عندما تؤسس عملا تجاريا بمفردك.
استوحت تينا فكرة منتجها الجديد من تراثها الآسيوي الأمريكي، فقد ولدت في تايوان، وانتقلت عائلتها إلى لوس أنجليس عندما كانت في الرابعة من عمرها.
وكانت عائلة تينا معتادة على تناول “شاي الفقاعات” في تايوان، وهو مشروب حلو المذاق يجمع بين الحليب والشاي بنكهات مختلفة، والفقاعات التي تسمى “لآلئ التابيوكا” ويحتاج شربه لمّاصة أكبر من المعتاد. والمشروب شائع أيضا في أوساط الجالية التايوانية في كاليفورنيا.
التحقت تينا بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، وهناك بدأ اهتمامها بالتجارة وإدارة الأعمال، ودرست بعض المواد في هذا المجال، وانضمت إلى ناد لرواد الأعمال، وشاهدت كيف نجح بعض أصدقائها في جمع مبالغ ضخمة لوضع أفكارهم التجارية موضع التنفيذ بواسطة مواقع للتمويل الجماعي على الإنترنت.
ثم انتقلت إلى لندن حيث درست لمدة عام عبر اتفاقية لتبادل الطلاب، وهو ما أتاح لها التعرف بشكل جيد على المدينة التي قررت الاستقرار فيها بعد حصولها على ماجستير في إدارة الأعمال في جامعة إمبريال كوليدج.
ولاحظت تينا خلال وجودها في المملكة المتحدة، توفر الكثير من أنواع “قهوة اللاتيه” في محلات السوبر ماركت، لكن في المقابل هناك فجوة في السوق فيما يتعلق بأنواع الشاي مع الحليب، وهو ما دفعها للتساؤل عما إذا كان يمكنها تحضير مشروب طفولتها المفضل، لكن مع تقليل نسبة السكر واستخدام الحليب النباتي تماشيا مع الاتجاه الذي يكتسب شعبية متزايدة.
ونظرا لعدم امتلاكها أي خلفية في مجال صناعة المواد الغذائية، بدأت تجرب في مطبخ منزلها وصفات وجدتها على الإنترنت.
وكان على تينا أن تواجه كافة تحديات تأسيس عمل تجاري بمفردها، فهي تقيم في لندن وحدها بعيدا عن عائلتها.
وتقول عن ذلك: “بحثت عن شريك مؤسس، لكنني لم أجد شخصا مستعدا للمساهمة بـ 110 في المئة مثلي”.
ودأبت تينا على صنع منتجاتها وبيعها بنفسها من خلال الأكشاك التي تستأجرها في أماكن مثل سوق بورو الشعبي وسط لندن. وكانت تعد الشاي يدويا وفق وصفاتها الخاصة في منتصف الليل في أحد المطابخ التجارية، وتعبئه في زجاجات لتبيعها في السوق الشعبي صباح اليوم التالي، ولم يكن يتاح لها إلا القليل من الوقت للنوم.
وتوضح أن ما دعاها لذلك، هو أن إيجار المطبخ أرخص في هذا الوقت المتأخر من الليل، إضافة إلى أن المطابخ في الليل تكون عادة أقل انشغالا.
لكن العمل على هذا المنوال وفي ساعات متأخرة من الليل أثر عليها سلبيا، وفي إحدى المرات وقع عليها الماء الساخن وأصيبت بحروق شديدة. وتقول: “أدركت حينها أن الاهتمام بالنفس مهم جدا عند تأسيس مشروع تجاري”.
ومن المشاكل الأخرى التي واجهتها نزاع على حقوق الملكية الفكرية بخصوص الاسم الذي اختارته في البداية لشركتها، والذي غيرته لاحقا. وفي مرة أخرى، لم تصل الكمية التي طلبتها من أوراق الشاي قبل الموعد المفترض أن تبدأ فيه تصنيع منتجها بكميات تجارية لأول مرة. وأدى ضياع الطلبية أثناء النقل، وانتظارها وصول البديل، إلى تأخير خطتها لشهر كامل.
وتقول تينا إنه من السهل أن تشعر بأن الأمور تعاندك شخصيا، وتشير إلى أنها بكت كثيرا آنذاك.
لكنها تقول: “لكنني وجدت أن البكاء يساعدني في واقع الأمر على التخلص من الانفعال، ويشعرني بتحسن بعده. إنها طريقة جيدة لاستعادة هدوئك وتوازنك”.
وكان للنصيحة التي تلقتها من مستشارها الخاص بهذا الشأن دورا حاسما أيضا. إذ نصحها بأن لا تدع تفكيرها يتمحور حول ما حدث من مشاكل، وتركز بدلا من ذلك على إيجاد الحلول الممكنة.
وأصبح الشاي الذي تنتجه تينا يباع في العشرات من محلات البقالة والمطاعم، ومعظمها في لندن، وتخطط لتوسيع شبكة عملائها بالتدريج، بما في ذلك إيجاد عملاء في الخارج، إلى جانب إضافة أنواع جديدة، وبيع المزيد من الشاي مباشرة إلى المستهلكين من خلال موقعها على الإنترنت.
وتعتقد تينا أنه من المهم للغاية بالنسبة لرواد الأعمال الذين يعملون بمفردهم مثلها بناء شبكة دعم للمساعدة على تجاوز الأوقات الصعبة.
وتعرفت تينا على مستشارها من خلال مركز الأعمال التابع للمكتبة البريطانية. كما كونت مجموعة مؤلفة من زميلاتها من رائدات الأعمال في مجال الأغذية وذلك بفضل منظمات تواصل مثل “بريد أند جام”، وهن يتواصلن بانتظام عبر تطبيق “واتس آب” لتقديم الدعم العملي والعاطفي لبعضهن البعض.
وتلقت أيضا مساعدة استشارية من قبل برامج مثل “فيرجن ستارت آب” و”انتربرايز لاب” التابع لجامعة إمبريال كوليدج.
وتحرص الآن على أن لا يكون لديها عمل خلال عطلات نهاية الأسبوع لكي تمضي بعض الوقت مع الأصدقاء.
وتقول تينا: “إن تأسيس عمل تجاري بمفردك يمكن أن يشعرك بالوحدة، لكن ليس من الضروري أن يكون الحال كذلك، فأنا لم أعد أشعر أنني وحيدة الآن. إن جمال ريادة الأعمال يكمن في الواقع في هذا الصعود والهبوط”.