عالم

شاهد: قصة تونسيٌ متطوع لدفن جثث مهاجرين حملتها الأمواج إلى شواطئ جرجيس

بقلم:  Hassan Refaei

مقابر مهاجرين على ساحل مدينة جرجيس في الجنوب التونسي.


مقابر مهاجرين على ساحل مدينة جرجيس في الجنوب التونسي.

  –  
حقوق النشر 
أ ب

عشر سنواتٍ ونيّف مرّت منذ أن اتّخذ التونسي شمس الدين مرزوق قرار التطوّع، من أجل دفن جثث المهاجرين، الذين يلقون حتفهم أثناء محاولتهم العبور بحراً من الضفّة الإفريقية للمتوسط إلى الضفة الأوروبية، بطريقة غير نظامية.

عدد كبير من الأطفال والنساء والرجال الذين لفظوا أنفاسهم الأخيرة تحت صفيح الماء في عرض البحر، حملتهم الأمواج والتيارات البحرية وألقت بهم على سواحل مدينة جرجيس، التي تكفّلت بدفن هؤلاء الموتى على نحوٍ يليق بهم كبشر، كان مبتغاهم العيش بحرية وكرامة وطمأنينة.

مرزوق يعمل صيّاداً، ولطالما شهد الرعب الذي يلقيه البحر حين يغضب في النفوس، لذا كان باستطاعته أن يتخيّل هول الفزع يتملك بأولئك الذين تقطعت بهم السبل وسط تلاطم الأمواج، ويتشبّثون بالحياة فقط لإنقاذ أطفالهم ونسائهم الذين يتقاذف الموج أجسادهم لينتزع منهم أرواحهم.

وتقول المنظمة الدولية للهجرة إن ما لا يقل عن 1,146 شخصاً ماتوا غرقاً أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا عن طريق البحر المتوسط، فقط خلال الأشهر الستة الأولى من العام 2021.

في الرابع عشر من آب/أغسطس الماضي، اختبر مرزوق تجربة يعيشها أقارب أولئك المهاجرين المبحرين إلى أوروبا، ففي ذلك اليوم، استيقظ ولم يجد زوجته مفيدة الجنزاوي وحفيديه في المنزل، وإنما وجد رسالة مكتوبة وأخرى صوتية، تفيد بأنها حين تملكها اليأس من الحصول على تأشيرة للوصول وحفيديها إلى ابنها الذي يعمل في فرنسا، لم يكن أمامها سوى الإبحار بطريقة غير نظامية للوصول إلى الأراضي الفرنسية.

يقول مرزوق عن تلك المدّة الزمنية ما بين معرفته بأمر هجرة زوجته وحفيديه، وبين سماع نبأ وصولهم بخير إلى البرّ الأوروبي: يقول: وجدت نفسي أعيش حالة هي ذاتها التي كنت أشاهدها خلال السنوات الماضية، كان يمكن أن أجد نفسي أدفن عائلتي، زوجتي وأحفادي، دون أن أعرف أن تلك الجثث كانت لهم”.

ويتابع قائلاً: “عشت ليلتين في حالة صدمة، وبعدها شعرت بالارتياح حين سمعت أصواتهم ورأيتهم (عبر مكالمة فيديو) حين وصلوا (في أوروبا) “، مستطرداً: “زوجتي أشجع مني، لقد خاطرت بنفسها وبحياة حفيديها لتوصيلهم إلى والدتهم (التي تعيش في فرنسا) لأننا طلبنا تأشيرة للم شمل الأسرة ثلاث مرات وتم رفضها”.

وكان عدد من أبناء مرزوق الخمسة غادروا تونس خلال موجة الهجرة التي تشهدها البلاد خلال السنوات الماضية، إذ أن أعداد المهاجرين التونسيين شهدت ارتفاعاً كبيراً بسبب الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها تونس، وبحسب تقديرات المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فإن 13 ألف مهاجر تونسي وصلوا إلى السواحل الإيطالية في العام 2020.

ويقول المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر: إن القرار الذي اتخذه عدد من عائلة مرزوق بالهجرة هو ذاته الذي اتخذته الكثير من العائلات (التونسية)، وإن قرار السفر بشكل غير نظامي هو نتيجة رفض دول أخرى للسماح لهم بالهجرة بشكل قانوني، على حد تعبيره

مقالات ذات علاقة

زر الذهاب إلى الأعلى