عالم

بين أنانية الأم واتهام الابن بالكذب.. ما حقيقة حكاية محمود “الطفل الباكي” في مصر؟

بقلم:  Hafsa Alami Rahmouni

حي بولاق الشعبي مع منازل ومباني شاهقة في الخلفية في القاهرة، مصر، في 13 فبراير 2007.


حي بولاق الشعبي مع منازل ومباني شاهقة في الخلفية في القاهرة، مصر، في 13 فبراير 2007.

  –  
حقوق النشر 
AMR NABIL/AP2007

تفاعل نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر مع حكاية الطفل محمود عبد الرحيم، البالغ من العمر 14 عاما، بعد ظهوره في برنامج “واحد من الناس” مع الإعلامي عمرو الليثي، التي تتجلى في مأساة نفسية يعاني منها بسبب تخلي والدته عنه لتتزوج من أحدهم.

وفي المقابلة، يقول محمود إن والدته انفصلت عن والده قبل وفاته بسبع سنوات، ويضيف: “أمي تركتني ولم تسأل عني فعشت مع عمي بعد وفاة والدي، وعندما اشتقت إلى حضنها ذهبت إليها وفوجئت برد فعلها برفض مقابلتي، وقالت لعمي: محمود بعتبره مات ولو كان تاعبكم ارموه في الشارع مفيش عندي مشكلة”.

وأوضح الطفل أنه كان يعيش مع أخواله قبل أن يتركهم بسبب تعرضه للضرب، ويؤكد: “عذبوني وكهربوني وفي النهاية اترميت في الشارع”.

وقال محمود إنه كان يطرق باب منزل والدته في شهر رمضان، إلا أنها كانت ترفض أن تفتح له، ووجّه رسالة لها قال فيها: “اللي عنده أم زي أمي ربنا ياخدها”.

تعاطف مع الطفل.. هجوم على الأم

أبدى عدد من رواد منصات التواصل تعاطفهم مع حالة الطفل محمود وأطلقوا وسم #الطفل_الباكي لنشر حكايته بشكل أوسع، حتى أن بعض الفنانين علقوا على الموضوع.

كتبت الفنانة المصرية شيرين رضا في تغريدة عبر حسابها الخاص على تويتر: “يرضي مين اللي بيحصل ده؟ مش كل الناس مؤهلة تخلف لإن دي النتيجة، طرد الطفل لإرضاء الزوج الجديد!! يا رب يبقى في عقاب شديد علي هذه العائلة عديمة الإنسانية!! أنا آسفة يا ابني إن مفيش أي رحمة في قلوب أقرب الناس إليك”.

وعلّقت الفنانة عفاف مصطفى على أزمة “الطفل الباكي” من خلال حسابها الشخصي في موقع التواصل فيسبوك، قائلة: “أمك مش فضيالك ومن الآخر بيشغلها عنك مزاجها أكثر… مش عايزاك تكسر شهر العسل المستمر من البني آدم اللي شبهها عديم الضمير والإنسانية، أكثر الستات اللي بتنفصل بتختار الراجل اللي يصون ابنها، ويحطه على الراس ويكرم مشاعره ويحتويه… أنتِ نكرة صاحبة المزاج”.

وعلقت جيهان النحاس على قصة محمود قائلة: “الطفل الباكي لقسوة أمه هو أسوأ صورة ختامية لهذا العام.. أو ربما هو تجسيد لكل قبح قابلناه في السنة التي قاربت علي نهايتها-عفواً ياعزيزي الصغير دموعك غالية أبكتنا جميعاً إلا تلك الأم الجاحدة نعتذر لك نيابة عن الدنيا التي علمتك درس الخذلان مبكراً وياله من (خذلان)”.

وكتبت حنان في منشور على تويتر: “أعرف حاله زي الولد ده معرفة شخصية وللاسف بنت عندها 10 سنين لا امها مستحملاها ولا ابوها امها رمتها لابوها وابوها رماها في الشارع ربنا يلطف بيها حقيقي مش عارفه اعمل معاها ايه”.

رد أسرة محمود

بسبب الجدل الواسع الذي أثارته تصريحات الطفل محمود، قامت وسائل إعلام محلية بالتواصل مع أسرة والدته، والتي اتهمته بالكذب والافتراء.

فقد أكدت جدة محمود أن كل ما قاله في تصريحاته التلفزيونية كذب، مشيرة إلى أنه كان يقوم بتصرفات غير موزونة وغريبة عندما كان يسكن عندها، فكان يخلع ملابسه ويظل بدونها ويرفع عليهم السلاح الأبيض “السكين” مرات عديدة، كما أنه كان يصرخ بصوت مرتفع دون سبب مرددا “ستي بتموتني”.

فيما أشار أحمد أمين، خال الطفل، إلى أن قصة محمود بدأت بعد انفصال والديه، بعدها انتقل للعيش مع عمه وظل عنده ثماني سنوات، حتى فى يوم قام عمه بإرساله لوالدته، وحينها وجدت الأم تصرفات غريبة من ابنها، فكان يقوم بخلع ملابسه والاستحمام بماء ساخن جدا ثم الخروج فى الهواء والنوم على الأرض عاريا، كما أنه كان يستفرغ كل ما يتناوله.

وتابع أحمد حديثه قائلا: “أمه زهقت منه” مشيرا إلى أن والدة محمود اتصلت به بعد فترة تستنجد به بعدما فشلت فى إيجاد حل لابنها.

وفي السياق ذاته، نقلت وسائل إعلام أخرى عن جيران لأسرة محمود، اتهامه بالادعاء والتمثيل، واعتبروا أن الدموع التي ذرفها خلال البرنامج لم تكن صادقة.

من جهة أخرى، ذكرت أم محمود “عزيزة” في مقابلة أجرتها صحيفة الوطن المصرية: “أنا متنازلة قدام المأذون عن ابني علشان أتطلق، وسايباه مفيهوش أي حاجة، جه بعدها سنة ونص أبوه مات وكنت عايزة آخد ابني تاني رغم إني من عيلة فقيرة في المنوفية… كنت على استعداد أخليه يعيش معايا ولو إيه حصل، بس عمه جالي وقالي مش ينفع نديكي الولد علشان هتتجوزي وهيبقى ليه جوز أم”.

وتابعت الأم: “ابني ممكن يخلي أي حد متأثر بكلامه وناس كتير خدته عندها وكان اللي بياخده بيرجعه، ولو اتعدل أنا هاخده… أنا متخيلتش إن ابني يكلمني ويهزقني ويفضحني، والذنب ذنب الناس اللي كان عايش معاهم وكان بيفضحني وبيقول عليا حاجات محصلتش”.

افتراء وتمثيل؟

أدت تصريحات أسرة الطفل محمود التي تكذبه وتتهمه بالافتراء إلى تباين في الآراء على منصات التواصل الاجتماعي، إذ يعتقد البعض أن الطفل بحاجة إلى علاج نفسي عاجل وأنه من الواجب سماع الجزء الآخر من القصة من أفراد أسرته بدل التركيز على ما يقوله هو فقط.

كما ذهب البعض الآخر إلى أبعد من ذلك، وقاموا بتحليل لغة الجسد للطفل محمود. فيما أشار آخرون إلى أن قصة محمود ما هي إلى طريقة أخرى لإلهاء الرأي العام وغض الطرف عن مواضيع تهم المجتمع المصري بشكل أكبر.

كتبت نفيسة عبد الفتاح على تويتر: “لغة جسد محمود الطفل الباكي تظهر انه يكذب كثيرا.. مهما كانت احكام الناس على الأم.. الولد مريض نفسي وكاذب محترف ومحتاج للعلاج”.

وقالت حنان العشري: “الطفل الباكي محمود محتاج علاج نفسي امه كمان محتاجه علاج نفسي عمه اللي عاش معاه علاج نفسي اللي شافوه وصدقوه محتاجين يراجعوا دكتور نفسي واللي مصدقوش ألمه وبقوا يتهموه بالكذب والتمثيل محتاجين نفس الدكتور النفسي كتر السفه اللي في تليفزيون وسوشيال ميديا بقى يودي حتماً للدكتور النفسي”.

وانتقد محمد بكر انتشار الترند السائد حاليا، قائلا: “الناس وهى بتغنى شيماء وبتبكى مع تمثلية الطفل الباكى حصلت حاجة بسيطة كده اسطوانات البوتجاز ارتفع سعرها وتسلم الأيادي”.

بعد بث الحلقة، طلب الكثير من رواد التواصل استضافته والتكفل به. وقد كلف الدكتور ممدوح غراب، محافظ الشرقية، الدكتور هشام مسعود، وكيل وزارة الصحة، بمتابعة الحالة الصحية والنفسية للطفل محمود بعد إيداعه بدار التربية للبنين بالزقازيق وتبين أنه يعاني من إصابة بساقه وسبق له إجراء عملية جراحية بها. وتم نقله لمستشفى الزقازيق العام لإجراء الأشعات والفحوصات الطبية وتلقي العلاج اللازم.

في حين، تقدم المحامي حمزة الساعي ببلاغ إلى النائب العام المستشار حمادة الصاوي، ضد والدة الطفل محمود. كما طالب المحامي فتح تحقيق عاجل وسريع في الواقعة محل البلاغ المقدم واتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة.

مقالات ذات علاقة

زر الذهاب إلى الأعلى