فن و مشاهير

راشد الماجد: الحب مواقف

لا يذكر اسمه حتى ترتسم ابتسامة المحبة والفخر والرضا على شفاه الحاضرين، فهو واحد من عمالقة هذا العصر، الذين ستبقى ذكراهم الجميلة للأجيال القادمة؛ لهذا استحق لقب «الزعيم» عن جدارة، ليس فقط لفنه المميز، بل أيضاً لأخلاقه وتعامله الجميل مع من حوله، إنه «سندباد الأغنية» راشد الماجد، الذي يغازل بصوته كل مناسباتنا ومدننا ودولنا، خاصة في منطقة الخليج العربي، وهو دائماً الخيار الأول لأهم وأبرز الحفلات والاحتفالات، وآخرها كان الاحتفال الضخم الذي جمعه بالفنان وليد الشامي في ختام فعاليات مهرجان دبي للتسوق، في قاعة «كوكا كولا أرينا»، التي استقبلت ما يزيد على 15 ألف عاشق لصوته وفنه.

قبل أن نخوض في الحوار، لا بد من الإشارة إلى أمر مهم للغاية، ولنقل إنه شهادة للتاريخ؛ فلأنني كنت في استقبال الفنان القدير راشد الماجد، قفز إلى مخيلتي الحفل الأول الذي رافقته فيه قبل ما يزيد على 20 عاماً، كان ذاك الحفل في مدينة العين، وشعرت وقتها بأنه كان متوتراً؛ فسألته يومها: «لماذا كل هذا التوتر؟»؛ ليجيبني باقتضاب: «هو توتر ما قبل المسرح، كأنني أصعد على المسرح لأول مرة». ومنذ ذلك اليوم وحتى الحفل الأخير رافقت راشد في عشرات الحفلات بالإمارات والكويت وقطر والسعودية والبحرين، وجميعها كان يشعر قبلها بالتوتر، وتشعر بأنه ليس راشد الذي تعرفه. واليوم وبعد هذه الخبرة الطويلة بالحفلات الضخمة والكبيرة، لايزال على الحال نفسها، وقد تقصدت أن أكون قريباً منه طوال الساعة التي سبقت ظهوره على المسرح، وهو يسأل عن استعدادات الفرقة الموسيقية وأجواء الحضور وكل التفاصيل، كأنها المرة التي يصعد فيها المسرح، فسألته: «هل مازلت تشعر بالتوتر قبل صعود المسرح؟»، فأجابني: «بكل تأكيد، لكن مع الدقائق الأولى أستعيد توازني، خاصة عندما أرى تفاعل الجمهور، أشعر بمسؤولية كبيرة تجاه هذا الحشد البشري، الذي قرر أن يقضي وقته معي، وعليّ أن أحسن إدارة الأمور على المسرح؛ لأجعل كل شخص يشعر بالسعادة، إنها مهمة كبيرة ومجهدة». 

 

 

* رغم أنك كنت تمر بوعكة صحية بسيطة؛ فإن هذا لم يظهر أثناء الحفل؟ 
– الحفل عندي يبدأ قبل أيام، إذ أغير طقوسي، وأحاول زيادة ساعات النوم والراحة، وأقلل قدر الإمكان من السفر، وأحافظ على تماريني الصوتية والبدنية، ولحظة وصولي إلى المسرح تكون المرحلة الفاصلة، هنا أخرج من عالمي الخاص لأعيش مع الجمهور وأبادلهم محبتهم بمحبة أكبر، وأحرص على التنويع، وتقديم ما يسعدهم. 

عاصمة فنية
* كيف تصف هذا الحشد الجماهيري، الذي يمتد على مدى ناظريك؟ 
– تمنيت لو كان باستطاعتي أن أسلم عليهم فرداً فرداً، فهم رأسمالي الحقيقي، وأنا أعرف أن جمهوري وفيّ وهم قريبون جداً من قلبي، أصلاً كل ما أقدمه من فن هو لهم بالدرجة الأولى، صحيح أنه مشواري الفني، لكن هذا المشوار لا ينجح ولا يكتمل دون وجود جمهور حقيقي يتفاعل مع الفنان وأغانيه. 
* غبت عن احتفالات مهمة شهدتها الرياض، منها: «تريو الرياض»، و«جوي أوردز».. ما رأيك في ما تشهده الساحة الفنية السعودية حالياً؟ 
– الغياب لم يكن مقصوداً، بل الظروف لم تساعدني، لكنّ الحفلين كانا رائعين، وأنا أشكر أخي المستشار تركي آل الشيخ، وكل القائمين على نجاح هذه الحفلات من الهيئة العامة للترفيه، والشركات المنظمة، على جهودهم الكبيرة التي استطاعت أن تحول الرياض إلى عاصمة فنية حقيقية تنافس العواصم الفنية العريقة في المنطقة. بالنسبة للحفل الأول «تريو الرياض» كان حفلاً ضخماً غير مسبوق، وأنا تابعت هذا الخليط الفني الرائع الذي تم تقديمه بشكل راقٍ وجميل، وبالنسبة لحفل توزيع الجوائز، فقد كنت مدعواً بالطيع، لكنني اعتذرت في اللحظات الأخيرة بسبب الوعكة الصحية التي ألمت بي قبيل الحفل، ولأنني لم أرد التنقل والسفر قبل حفلي في دبي، لكنني كنت معهما بقلبي، وتابعت كل التفاصيل، وكنت فخوراً وأنا أرى هذا النجاح. 
* ما رأيك بالحفلين المتتاليين اللذين قدمهما عبدالمجيد عبدالله؟ 
– «يستاهل أبوعبدالله»؛ فهو فنان كبير ونحن جميعاً اشتقنا له على المسرح، وهذان الحفلان يؤكدان مكانته عند الجمهور، ويؤكدان أيضاً لباقي الفنانين أن الفنان الأصيل حتى وإن غاب لسنوات عن الحفلات أو الإنتاجات فإن الجهور يبقى وفياً له، وعندما يعود سيستقبله الجمهور بكل حب ومحبة، خاصة إن كان يمتلك تاريخاً فنياً عريقاً وراقياً. 
* ما رأيك بأداء مدير أعمالك حسن طالب في «بوليفارد المواهب»؟ 
– شهادتي مجروحة فيه، فالبرنامج بشكل عام هو بداية جميلة ورائعة لبرامج الهواة في المملكة، وحسن طالب وحمدي بدر وكل المتسابقين ظهروا بصورة لائقة وجميلة، وأتمنى التوفيق لهم جميعاً.

 

 

الجيل الجديد
* هل أنت متفائل بالجيل الجديد من الفنانين السعوديين والخليجيين؟
– نعم، وكما تعلم إنني كنت أول من تبنى المواهب، من خلال شركة «بلاتينيوم ريكوردز»، وقبلها من خلال شركتي الخاصة «فنون الجزيرة»، وقناة «وناسة»، لم تكن لي مصلحة في أي شيء، كنت فقط أبحث عن المواهب وأدعمها، وقتئذ كان الدعم شخصياً ومحدوداً ولا يوجد من يكمل الطريق. اليوم تتحقق جميع أحلامي؛ لأنني أيضاً أخذت من وقتي ومن فكري، وبذلت جهوداً عملية ومادية، ولم تكن لي مصلحة إلا حب الفن وتجميع الناس، حتى في «جلسات وناسة» كان هدفي تقريب الفنانين، وإعطاء فرصة للمواهب الجديدة. اليوم، نجحت بعض الأسماء في برامج الهواة، مثل: «ذا فويس»، و«أراب غوت تالنت»، و«آراب آيدول»، لكن لم يخرج أحد وينضم إلينا في الصفوف الأولى ليبقى، بينما نحن عندما قدمنا برنامج «آلبوم» الذي اخترعناه محلياً، ولم يكن «فورمات» عالمية، خرّجنا فنانين كثراً، منهم: محمد الزيلعي، ومنى أمرشا، وأصيل هميم، وعبدالفتاح الجريني، والجيلاني. وقد اهتممت بهم شخصياً، فكنت من خلال شركة بلاتينيوم ريكوردز أختار لهم الأغاني، وأعطيهم حتى من أغنياتي التي اشتريتها لنفسي وأمنحهم إياها. 
* هل من السهل الوصول للنجومية، حتى لو توفر الدعم المادي؟ ولماذا لا نرى نجوماً جدداً في الصف الأول؟
– أنت تستطيع أن تكون مشهوراً عربياً لمدة يوم أو أسبوع، أو حتى من نجاح أغنية واحدة، لكن بعد ذلك الاستمرارية هي المشكلة، أنت عندما ترى العالم يصوت لمتسابق في برنامج ما ويأخذ المركز الأول، يعرفه الناس وبعد أيام ينسونه كأنه غير موجود! هنا المشكلة، لأنه بعد هذا النجاح يحتاج إلى صقل موهبته ومساعدته في إكمال مشواره الفني بشكل صحيح، الموهبة ليست بحاجة لفلسفة، تماماً كما يحدث في الغرب، يأتون بالموهبة الجديدة ويتبنونها بشكل صحيح، يقولون له: «أنت وظيفتك أن تغني فقط، وليست لك علاقة باختيار ملابسك أو اختيار أغانيك»، المشكلة عندنا أن الشاب بمجرد أن تنجح له أغنية أو اثنتان، يشعر بأنه أصبح نجماً، وبأن قراره هو الصائب، وبأنه قادر على الاستمرار، لكنه مع الأسف يقع، ولا يعود قادراً على القيام ثانية.

* أنت تتمتع بذكاء فني نادر، هل هذا الذكاء تلمسه في جيل الشباب؟
– ليس واضحاً، فلايزال الشباب يتعلمون، ولا أقدر أن أقول إنني أرى بصراحة عند أي منهم ذكاء فنياً متقداً. بالنسبة لي أشعر بأنني مختلف، قد يتهمني البعض بالغرور وبأنني لست متواضعاً، لكن الأمر ليس كذلك. لكنني مختلف عن الآخرين في أمور كثيرة، مثل إنجازاتي في أعمالي وشركتي، فلا يوجد فنان اليوم ينتج ويعطي من أغانيه ومن أمواله واهتمامه ووقته للآخرين. 
* أخيراً.. يحتفل العالم بعد أيام بيوم الحب، ما الذي يعنيه الحب لك؟ 
– الحب هو أسمى ما في الحياة، من دون الحب لا يستطيع المرء الاستمرار في العطاء، الحب بالنسبة لي هو المواقف، حتى بين العاشقين يبدأ الحب بالإعجاب وربما الغرام، لكنه لا يستمر إلا بالمواقف الحقيقية، لهذا تجد أن قصص حب كبيرة انهارت، بينما قصص حب صغيرة استمرت، وكل عام وأنتم بحب.

مقالات ذات علاقة

زر الذهاب إلى الأعلى