كيف تصاعدت حدة التوترات الأخيرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟
شهد الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي توترات متلاحقة في الأسابيع الأخيرة كان أحدثها شن الطيران الحربي الإسرائيلي غارات جوية في وقت مبكر من الثلاثاء على قطاع غزة، في أعقاب إطلاق صاروخ من القطاع باتجاه إسرائيل.
تزامنت تلك التطورات مع شهر رمضان الذي عادة ما يشهد اشتباكات وتوترات بين الجانبين.
ولأول مرة منذ ثلاثة عقود تصادف شهر رمضان مع عيد الفصح اليهودي وعيد القيامة لدى المسيحيين. وبالتزامن مع ذلك، توافد الآلاف من المصلين الفلسطينيين والإسرائيليين والأجانب على البلدة القديمة في القدس، ما أدى إلى زيادة التوترات حول الأماكن المقدسة المتنازع عليها.
اعتقالات ومصادرة للأسلحة
خلال شهر مارس/آذار، نفذت الشرطة الإسرائيلية حملة اعتقالات في الضفة الغربية، وأعلنت مصادرة أسلحة هناك. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن قوات الأمن تتأهب لمواجهات محتملة خلال شهر رمضان.
وبعد ثلاث هجمات قتل خلالها 11 شخصا وأربعة مهاجمين، قررت الحكومة الإسرائيلية تشديد القيود على دخول الفلسطينيين إلى إسرائيل، ولا سيما القادمين من الضفة الغربية خلال شهر رمضان، وسط مخاوف من أن تؤدي هذه الخطوة إلى زيادة التوترات.
وبين الحين والآخر، تشهد ساحات المسجد الأقصى اشتباكات بين المصلين والشرطة الإسرائيلية بسبب دخول متشددين يهود إليها لتأدية شعائر دينية، وهو ما يعتبره الفلسطينيون خطوات استفزازية.
ووضعت الشرطة الإسرائيلية مدينة القدس على قائمة المدن الأكثر حساسية، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي رفع حالة التأهب في الضفة الغربية.
اشتباكات دامية
قتل فلسطينيان الخميس 31 مارس/آذار في اشتباكات مع الجيش الإسرائيلي في مخيم جنين شمال الضفة الغربية، بينما قتل فلسطيني آخر بعدما طعن إسرائيليا على متن حافلة في حادث منفصل جنوبي مدينة بيت لحم.
وقالت مصادر محلية فلسطينية إن أعدادا كبيرة من القوات الإسرائيلية انتشرت داخل مدينة جنين وعلى مشارف المخيم، وإن المواجهات استمرت لفترة من الوقت، مع انتشار عشرات المسلحين الفلسطينيين داخل أزقة المخيم.
وجاء في بيان للجيش الإسرائيلي أن قوات من الجيش وحرس الحدود شنت حملة عسكرية في مخيم جنين بهدف اعتقال مطلوبين.
استنفار على الجانب الفلسطيني
أعلن زياد النخالة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي عن الاستنفار العام لسرايا القدس، الجناح العسكري للحركة، في جميع أماكن وجودهم، وذلك في أعقاب اقتحام الجيش الإسرائيلي لمخيم جنين.
وقد أدانت الرئاسة الفلسطينية، ما وصفته بـ”التصعيد الإسرائيلي الخطير” ضد الفلسطينيين ومقدساتهم، والذي تمثل باقتحام متشددين يهود للمسجد الأقصى بحماية الشرطة الإسرائيلية، وما وصفته بـ”الجريمة البشعة” في مدينة جنين.
وحذرت الرئاسة في بيان لها، من هذا التصعيد الذي تقوم به الحكومة الإسرائيلية، معتبرة أن “مثل هذه الاستفزازات المتمثلة بمواصلة الاقتحامات وعمليات القتل اليومية لأبناء شعبنا، وجرائم المستوطنين اليومية، ستجر المنطقة إلى مزيد من أجواء التوتر والتصعيد”.
من جانبها، هددت حركة حماس في بيان لها بأن التصعيد من قبل إسرائيل سيقابل بتصعيد وبأن ما وصفته “بجرائم إسرائيل المتواصلة تنذر بانفجار شامل سيكون أقوى بأسا وأشد إيلاما وبمشاركة الكل الفلسطيني”، وفقا للحركة.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس إنه يدرس إمكانية استدعاء الآلاف من جنود الاحتياط لمواجهة ما وصفه بسلسلة الهجمات الدموية الأخيرة التي أدت إلى مقتل 11 إسرائيلياً.
توتر في الضفة والقدس
أسفرت عمليات الاقتحام التي نفذتها تلك القوات الإسرائيلية في قرى في الضفة الغربية منذ بداية الشهر عن مقتل وإصابة العشرات من الفلسطينيين، كما قامت خلالها أيضا بحملات اعتقال.
ووقّع قائد المنطقة الوسطى بالجيش الإسرائيلي أمرا يقضي بمصادرة وهدم منزل “ضياء حمارشة” منفذ عملية إطلاق النار في بني براك التي أسفرت عن مصرع 5 إسرائيليين في 29 مارس/آذار، والذي يقع في بلدة يعبد جنوبي مدينة جنين شمال الضفة الغربية، في خطوة اعتبرتها المؤسسات الحقوقية، ومن بينها مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بتسيلم)، انتهاكا للقانون الدولي، كونه يصنف في فئة العقاب الجماعي.
وتواصلت دعوات فلسطينية لشد الرحال للمسجد الأقصى والاعتكاف فيه حتى نهاية شهر رمضان لصد اقتحامات المستوطنين، فيما يستمر الجيش الإسرائيلي في حماية المستوطنين داخل باحات الأقصى.
وتداولت مواقع إخبارية عديدة مشاهد من قمع المصلين الفلسطينيين منهم النساء والأطفال وكبار السن.
وجُرح الجمعة الماضي ما يزيد على 150 فلسطينيا خلال اشتباكات مع الشرطة الإسرائيلية في باحة المسجد الأقصى. واعتقلت الشرطة ما يزيد على 400 شخص، أُفرج لاحقا عن معظمهم بينما يتواصل التحقيق مع آخرين.
كما أصيب ما يربو على 20 فلسطينيا وعدد من الإسرائيليين خلال اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية وفلسطينيين يوم الأحد في باحات المسجد الأقصى ومحيطه في القدس الشرقية المحتلة.
واعتقلت الشرطة الإسرائيلية 18 شخصا، وقالت إن “مئات” المتظاهرين الفلسطينيين وبعضهم ملثم “جمعوا حجارة وخزنوها” تمهيدا لاستخدامها في الاشتباكات قبيل بدء زيارات اليهود، مضيفة أنها دخلت بغية “إخراج” المتظاهرين، واتخاذ ما يلزم “لإعادة النظام”.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، قد أكد على “الحرية الكاملة” لقوات الأمن للتحرك “بما يضمن توفير الأمن لمواطني إسرائيل”، مشددا على ضرورة بذل كل الجهود للسماح لأبناء جميع الأديان بالعبادة في القدس، حسب قوله.
غزة تدخل على خط التوتر
نفذت إسرائيل فجر الثلاثاء غارات جوية على قطاع غزة هي الأولى منذ شهور، في أعقاب إطلاق صاروخ من القطاع باتجاهها.
ودوت صفارات الإنذار في جنوب إسرائيل الاثنين – وللمرة الأولى منذ مطلع العام الحالي – بعد إطلاق صاروخ من قطاع غزة الذي تحكمه حركة حماس. وقد اعترضت الصاروخ منظومة القبة الحديدية للدفاع الجوي الإسرائيلي.
ورد الطيران الحربي الإسرائيلي بضربات جوية قال إنها استهدفت مصنع أسلحة تابعا لحماس.
وأعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، أن دفاعاتها الجوية تصدت للغارات الإسرائيلية
يأتي التطور الأخير بعد ارتفاع حصيلة قتلى أعمال العنف المستمرة منذ أسابيع بين الجانبين إلى 29 فلسطينيا و14 إسرائيليا.
ردود فعل خارجية
طالب مجلس النواب الأردني في جلسته التي عقدت الاثنين 18 أبريل/ نيسان بطرد السفير الإسرائيلي في عمّان احتجاجا على “الاعتداءات الإسرائيلية” في القدس، ووافق المجلس على رفع مذكرة نيابية موقعة من 87 نائبا إلى الحكومة، تتضمن المطالبة بطرد السفير الإسرائيلي لدى المملكة الأردنية.
وقال المجلس في بيان إن “ما يجري في المسجد الأقصى يعد تطرفاً إسرائيلياً لتنفيذ مآرب، وتصعيدا ممنهجا واعتداءً صارخا على حرمة المسجد الأقصى ومكانته في وجدان الأمة الإسلامية”، مدينا الاعتداء على حراس وحارسات المسجد الأقصى والمصلين والمرابطين تحت قوة السلاح.
كما بحث العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، يوم الاثنين التصعيد الإسرائيلي في القدس .
أتى ذلك بعد أن ترأس اجتماعا، يوم الأحد، دعا خلاله إلى “ضرورة أن تحترم إسرائيل الوضع التاريخي والقانوني القائم في الحرم القدسي الشريف/ المسجد الأقصى، ووقف جميع الإجراءات اللاشرعية والاستفزازية التي تخرق هذا الوضع وتدفع باتجاه المزيد من التأزم”.
وفي اتصال بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، أكد الأخير أن بلاده ستجري اتصالات مع الأطراف المعنية” وفق ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية (وفا).
كما دعا البابا فرنسيس، من الفاتيكان خلال كلمة بمناسبة عيد القيامة الأحد، إلى ضمان الدخول “بحرية” إلى الأماكن المقدسة في القدس.
وقال: “أتمنى أن يعيش الإسرائيليون والفلسطينيون وجميع سكان المدينة المقدسة، جنباً إلى جنب مع الحجاج، تجربة جمال السلام والعيش في أخوة والدخول بحرية إلى الأماكن المقدسة، في احترام متبادل لحقوق كل منهم”، بحسب ما نقلته وكالة فرانس برس.