فرحة وبهجة عبر الأجيال.. أشهر أغاني العيد في التراث المصري
ترك الثنائي الشهير الشيخ إمام والشاعر أحمد فؤاد نجم بصمة مهمة في سجل أغاني العيد بأغنية “فى نورك يا هلال العيد”.
القاهرة- مع غروب شمس اليوم الأخير من أيام رمضان، يبدأ المصريون استعداداتهم لاستقبال العيد، ولسان حالهم يردد رائعة أم كلثوم “يا ليلة العيد آنستينا وجددتي الأمل فينا”.
صباح أول أيام العيد تفسح “يا ليلة العيد” مكانها لغيرها من أغاني العيد المبهجة، وفي مقدمتها أيقونة أغنيات العيد التي غنتها صفاء أبو السعود “أهلا أهلا بالعيد مرحب مرحب بالعيد، العيد فرحة وأجمل فرحة تجمع شمل قريب وبعيد”.
تتسابق الإذاعات والقنوات التلفزيونية، ومعها وسائل التواصل الاجتماعي، في بث هاتين الأغنيتين بشكل خاص لقدرتهما على نشر البهجة في البيوت المصرية احتفاء بقدوم العيد.
ورغم مرور عشرات السنين على إنتاجهما تظل “يا ليلة العيد”، ومعها “أهلا بالعيد” الأكثر شهرة وانتشارا وشعبية بين مختلف الأجيال، ولكل منهما حكايات طريفة وراءها.
يا ليلة العيد
استلهمت أم كلثوم مطلع أغنية “يا ليلة العيد آنستينا” من بائع متجول كان ينادي على بضاعته بهذه العبارة التي أعجبتها، لتطلب من الشاعر بيرم التونسي أن يكتب لها أغنية عن العيد يكون مطلعها هذا المقطع.
يبدأ التونسي في كتابة الأغنية ولكن المرض يداهمه، لتطلب أم كلثوم من الشاعر أحمد رامي استكمالها، لتصبح كلماته هي الأكثر شعبية بين أغاني العيد عبر عقود.
وكما كان للأغنية مؤلفون، فقد لحنها اثنان من كبار الملحنين في هذا الوقت، حيث غنتها أم كلثوم للمرة الأولى من ألحان زكريا أحمد على الهواء مباشرة مساء ليلة عيد الأضحى عام 1937هجرية الموافق لسنة 1937م.
ثم أعاد رياض السنباطي تلحين الأغنية باللحن المعروف الآن وغنتها المطربة الراحلة ضمن أحداث فيلم “دنانير” عام 1939.
وكان الصدى الأكبر للأغنية حين ألقتها أم كلثوم باحتفال ليلة عيد الفطرعام 1363 هجرية الموافق سنة 1944م بالنادي الأهلي بحضور الملك فاروق الأول، وقامت هذه المغنية بتعديل بعض كلماتها لتثني على الملك الذي منحها في المقابل نيشان الكمال مما جعلها تحمل لقب “صاحبة العصمة”.
سر “سعد نبيهة”
ظلت “يا ليلة العيد” الأشهر بلا منازع حتى مطلع ثمانينيات القرن الماضي، قبل أن تزاحمها أغنية “أهلا بالعيد” لصفاء أبو السعود في شعبيتها وانتشارها بين المصريين والعرب على السواء.
وكان الملحن الراحل جمال سلامة قد ذكر في تصريحات صحفية قبل أعوام أنه ظل يفكر في إنتاج عمل فني للأطفال عن العيد، يضاهي “يا ليلة العيد” فذهب إلى الشاعر عبد الوهاب محمد وطلب منه كتابة أغنية يكون مطلعها “أهلا أهلا بالعيد” واختار لغنائها أبو السعود.
لم تكن أبو السعود -التي اشتهرت تلك الفترة بالغناء للأطفال- تدري أن الأغنية التي ترددت في قبولها بادئ الأمر لبساطتها ستحظى بهذه الشعبية الواسعة بين مختلف الأجيال حتى اليوم.
وساهم تصوير الأغنية المبهج -الذي نفذه المخرج مجدي أبو عميرة والأجواء الواقعية للعيد التي حفلت بها- في زيادة شعبيتها وانتشارها.
وكل عيد تغلب روح الدعابة والفكاهة على المصريين وهم يرددون التساؤل المرح عن شخصية “سعد نبيهة” التي وردت في الأغنية، في إشارة إلى عبارة “سعدنا بيها” التي اعتقد كثيرون خطأ أنها تتحدث عن شخص يدعي “سعد نبيهة” وهو ما زاد من انتشار ونجاح الأغنية، كما أكدت أبو السعود في أحد لقاءاتها التلفزيونية.
تراث العيد
نجاح الأغنيتين السابقتين وشهرتهما طغى على كثير من الأعمال الفنية الأخرى التي تحتفي بقدوم العيد، رغم أن تراث الغناء المصري يضم عشرات الأغاني التي تصف بهجة العيد وفرحته وعادات المصريين في الأعياد من التزاور بين الأهل والأحباب وتوزيع العيدية والتنزه وحتى صناعة كعك العيد.
واحدة من الأغاني المنسية التي لم تأخذ حظها في الشهرة بين أغاني العيد هي أغنية “هل هلال العيد” للمطربة نور الهدى، رغم جمال كلماتها التي كتبها بيرم التونسي وقوة لحنها الذي وضعه الموسيقار فريد الأطرش، والذي قدم الأغنية بصوته لاحقا.
وتقول كلمات الأغنية “هل هلال العيد ع الإسلام سعيد، هل هلاله علينا مبارك شاكر فضل الله تبارك، هل هلال العيد علينا، مالي الدنيا بهجة وزينة، هل على الإسلام يحمل ألف سلام، ومن العام للعام يجي بنصر جديد”.
وترك الثنائي الشهير الشيخ إمام والشاعر أحمد فؤاد نجم بصمة مهمة في سجل أغاني العيد بأغنية “فى نورك يا هلال العيد” ومن كلماتها: في نورك يا هلال العيد، يطير بينا سفين عوام، على الأحلام يودينا، نمد جسور، نعدي بحور.
وقدم المطرب محمد قنديل عدة أغاني للعيد من بينها “أفراح العيد، يا حبايب ياللي تحبونا” التي يقول مطلعها “يا حبايب ياللي تحبونا بالعيد باركوا لنا وهنونا، الكل سعيد والإيد في الإيد (اليد) شاركونا الأفراح شاركونا، لله كبرنا وصلينا وفرحنا بالعيد وزمانه، أدينا الفرض اللي علينا وشكرنا الله على أفضاله”.
بين رمضان والعيد
وإذا كان المصريون يستقبلون رمضان على أنغام أغنية “أهو جه يا ولاد” للثلاثي المرح (فرقة غنائية نسائية مصرية ظهرت خمسينيات القرن الماضي، وتميزت بأعمالها الاجتماعية الخفيفة) فإنهم لا يعرفون أن الفريق نفسه قدم عدة أغنيات للعيد لكنها لم تنل نفس الحظ من الشهرة والانتشار.
ومن الأغنيات التي قدمها الثلاثي المرح “أهلا بالعيد” التي تقول: أهلا بالعيد أهلا أهلا، صبحك ومساك بهجة وأنغام وبشوق نلقاك من العام للعام يا عيد يا عيد. بجانب أغاني أفراح العيد، زق (ادفع) المرجيحة، كل عام وأنتم في سلام، فستان العيد، وحياتك يا بابا ودينا القناطر.
وربما لا يعرف كثير من المصريين أن شريفة فاضل صاحبة الأغنية الأشهر في وداع رمضان “والله لسه بدري يا شهر الصيام” قد غنت للعيد بعنوان “الله يامّه (يا أمي) على فستاني” لكن هذا العمل لم يحظ بنفس شهرة الأغنية الأولى التي ارتبطت بالأيام الأخيرة من الشهر الكريم.
كعك العيد
ولم تخل أغاني العيد في التراث المصري من الطرافة والدعابة خاصة فيما يتعلق بكعك العيد أو “الكحك” كما يسميه المصريون، والتي يرصد بعضها الباحث الموسيقي الأردني زياد عساف في كتابه “المنسي في الغناء العربي”.
وكان سيد الملاح قد غنى في مسلسله الإذاعي “سيد مع حرمه في رمضان” عدة اسكتشات غنائية حول الكعك، مثل “كل ما ترن الصيجان، كل ما يزيد الجنان، مهما جبنا كعك جاهز، برضه هيّه تقول كمان”.
وقدم الملاح صورة غنائية أخرى عن صناعة الكعك المنزلي لا تخلو من التذمر “أنشأت مصانع في داري، تنتج كحكا بالقنطار، أنا لست غنيا يا سادة، لكن مراتي كالعادة عجنت أردبا وزيادة”.
وعلى وزن لحن الأغنية الشهيرة “يا ليلة العيد” قدم نجم فرقة “ساعة لقلبك” الممثل محمد يوسف الشهير بـ “شكل” صورة غنائية ساخرة عن كعك العيد، وغنى “يا كحك العيد بتأذينا يا مقلب واتعمل فينا، جمعت الكل ع الأفران وسمنك بقع الفستان، وأم الخير باعت كردان عشان خاطرك يا كحك العيد”.
وبصورة أكثر تفاؤلا غنت المطربة منى عبد الغني “الكحك عارف موسمه والعجوة تحضن سمسمه.. قال إيه وإيه الكحك إيه، نقش البنات سكر عليه”.
أما حورية حسن فقد اختارت الغناء للغريبة (نوع من مخبوزات العيد الشهيرة لدى المصريين) فقالت “يا ناعمة يا غريبة يا فرحة وقريبة، أهو جانا العيد أهو جانا العيد واستقبلناه بقلوبنا الحلوة الطيبة”.
فرحة الطفولة
إذا كانت أغنية “أهلا بالعيد” موجهة للأطفال بشكل خاص، فقد حاول بعض الفنانين تقديم أعمال أخرى موجهة للأطفال لكنها لم تحظ بنفس الشهرة، ومنها الأغنية التي قدمتها الممثلة ياسمين عبد العزيز في التسعينيات بعنوان “العيد عيدنا وهنعيد” وتم تقديمها بطريقة الرسوم متحركة.
ولا ينسى جيل الثمانينيات والتسعينيات أغنية “عيد عيد” التي جاءت ضمن مسلسل الأطفال الأشهر “بوجي وطمطم” من كلمات الشاعر صلاح جاهين.